للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذا الحديث أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - مات بسبب ذلك السم، ويلزم منه أنه لم يُعصم

من القتل. (١)

وأجاب بعضهم:

بأنَّ الله تعالى ضمن لنبيه - صلى الله عليه وسلم - العصمة من القتل حال التبليغ فقط. (٢)

المذهب الثالث: أنَّ المراد بالعصمة: الحفظ من صدور الذنب، والمعنى: بلغ والله تعالى يعصمك من بين الناس أن يقع منك ذنب.

ذكر هذا المذهب: البغوي، والآلوسي. (٣)

ويَرُدُّه: أنَّ سياق الآية إنما هو في الحديث عن عصمته - صلى الله عليه وسلم - من أذى الناس، لا من الذنوب؛ لأنَّ الله تعالى أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - بالتبليغ، والذي يناسب هذا الأمر الوعد بالعصمة من أذى الناس، لا العصمة من الذنوب، إذ لا تلازم بينهما.

ثانياً: أجوبة العلماء عن خبر سحره - صلى الله عليه وسلم -:

للعلماء في الجواب عن هذه الحادثة ثلاثة مذاهب:

الأول: أنَّ ما تعرض له النبي - صلى الله عليه وسلم - من سحر، هو مرض من الأمراض، وعارض من العلل، وهذه تجوز على الأنبياء كغيرهم من البشر، وهي مما لا يُنكر ولا يَقدحُ في النبوة، ولا يُخِلُّ بالرسالة أو الوحي، والله سبحانه إنما عصم نبيه - صلى الله عليه وسلم - مما يحول بينه وبين الرسالة وتبليغها، وعصمه من القتل، دون العوارض التي تعرض للبدن.

وهذا مذهب: الخطابي (٤)، والمازري (٥)، وابن القيم، والعيني (٦)، والسندي (٧)،


(١) انظر: روح المعاني، للآلوسي (٦/ ٤٩٩).
(٢) انظر: روح المعاني (٦/ ٤٩٩)، وتفسير ابن عثيمين، البقرة (١/ ٢٨٤).
(٣) انظر: تفسير البغوي (٢/ ٥٢)، وروح المعاني (٦/ ٤٩٩).
(٤) أعلام الحديث، للخطابي (٢/ ١٥٠١).
(٥) المعلم بفوائد مسلم، للمازري (٣/ ٩٣).
(٦) عمدة القاري، للعيني (١٥/ ٩٨).
(٧) حاشية السندي على سنن النسائي (٧/ ١١٣).

<<  <   >  >>