للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٥٣) ـ (٤٦): وعَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدَبًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: "بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي إِذْ أَصَابَهُ حَجَرٌ فَعَثَرَ فَدَمِيَتْ إِصْبَعُهُ؛ فَقَالَ:

هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ ... وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ". (١)

[المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الآية والأحاديث]

ظاهرُ الآيةِ الكريمة أنَّ الشِّعْرَ مُمتَنِعٌ تَعَلُّمه ونَظْمه على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأمَّا الحديثين فقد جاء فيهما ما يُوهِمُ مُعارَضَة هذا الظاهر؛ إذ فيهما أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أنشد ذينك البيتين من تلقاء نفسه، وهذا يُوهِمُ قُدْرَةَ النبي - صلى الله عليه وسلم - على النَّظْمِ، وهو خِلافُ الآية. (٢)

[المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع التعارض بين الآية والأحاديث]

اتفق العلماء على أنَّ الشِّعْرَ ممتنعٌ (٣) نَظْمه على النبي - صلى الله عليه وسلم -، أخذاً بظاهر الآية الكريمة (٤)، واختلفوا في حكم تمثل النبي - صلى الله عليه وسلم - بشيء من الشِّعْر وإنشاده،


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الجهاد والسير، حديث (٢٨٠٢)، ومسلم في صحيحه، في كتاب الجهاد والسير، حديث (١٧٩٦).
(٢) انظر حكاية التعارض في الكتب الآتية: مشكل الآثار، للطحاوي (٤/ ٣٧٤)، وتفسير أبي الليث السمرقندي (٣/ ١٠٥)، والكشاف، للزمخشري (٤/ ٢٥)، وإكمال المعلم بفوائد مسلم، للقاضي عياض (٦/ ١٦٩)، وكشف المشكل من حديث الصحيحين، لابن الجوزي (٢/ ٢٤٣)، والمفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي (٢/ ١٢٤)، والتسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي (٢/ ١٨٦)، وتفسير الحافظ ابن كثير (٢/ ٥٨٧)، والتلخيص الحبير، لابن حجر (٣/ ١٢٨)، وعمدة القاري، للعيني
(١٤/ ٩٩)، ومعترك الأقران، للسيوطي (٢/ ٤١٦)، وفيض القدير، للمناوي (٥/ ٦٤)، وفتح القدير، للشوكاني (٤/ ٥٣٩).
(٣) ممتنع قدراً وشرعاً؛ يدل على امتناعه قدراً قوله تعالى: (وَمَا عَلَّمْنَاهُ)، ويدل على امتناعه شرعاً قوله تعالى: (وَمَا يَنْبَغِي لَهُ).
(٤) حكى الاتفاق: الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (٣/ ١٢٨).

<<  <   >  >>