ولم أجد في كتابات المتأخرين تفريقاً بينهما أيضاً، ويظهر لي أنَّ ثمة فرق في المعنى بين المصطلحين؛ إذ المُختلف يقع على أفراد ذُكِرَتْ في نصٍ ما، وجاء في نصٍ آخر ما يُخالف في الوصف بعض تلك الأفراد، كأن يأتي في حديث وصف شيء ما بعدة أوصاف، ويأتي في حديث آخر ما يُخالفه في ذكر بعض هذه الأوصاف، أو يأتي في حديث ذكر عدد معين، ويأتي في حديث آخر اختلاف في العدد، وهكذا.
وأما التعارض فإنه تقابل نصين شرعيين، بحيث يمنع مدلول أحدهما مدلول الآخر؛ كأن يأتي نص بإثبات شيء ما، ويأتي في نص آخر نفيٌ له، أو يأتي نص بتحريم أمر ما، ويأتي في نص آخر الأمر به، فالأول تناقض في الخبر، والآخر تناقض في الحكم. (١)
إلا أنَّ هذا التفريق هو في المعنى وحسب، ولا يلزم منه تخطئة من لم يُفرق بينهما، أو التثريب على من لم يتقيد بهذا التفريق؛ إذ لا مُشاحة في الاصطلاح؛ لأن العبرة في المصطلحات هو ما تعارف عليه أهل كل مصطلح وتناقلوه فيما بينهم، بغض النظر عن الاختلاف في معاني المصطلحات من ناحية اللغة.
[المطلب الثالث: الفرق بين مشكل الحديث وموهم التعارض]
أما في اصطلاح المحدثين فالفرق هو ما تقدم في الفرق بين مختلف الحديث ومشكل الحديث؛ إذ لا فرق عندهم بين المختلف وموهم التعارض، وأما على التفريق الذي ذكرته بين المختلف وموهم التعارض، فيكون موهم التعارض أخص من المشكل، على المعنى الذي ذكرته سابقاً.