للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدنيا، وأما العذاب في الآخرة فهو لمن سَلِمَ في الدنيا ولم يُقَمْ عليه الحد.

ذكره ابن عطية احتمالاً آخر في الجمع (١)، وتبعه أبو عبد الله القرطبي، وابن جزي، وأبو حيان، وابن عاشور. (٢)

واعتُرِضَ: بأنه لو كان هذا المعنى هو المراد في الآية، لاستعمل حرف "أو" الذي يفيد التنويع، فيكون معنى الآية: (لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا أو عَذَابٌ عَظِيمٌ فِي الآخِرَةِ).

المذهب الخامس: أنَّ حديث عبادة - رضي الله عنه - محمول على حقوق الله تعالى؛ فإن الحد يكفرها، وأما حقوق العباد فلا يكفرها مجرد الحد، بل لا بد معه من التوبة، وإلا فالعذاب في الآخرة.

ذكر هذا المذهب: الآلوسي، ونسبه للنووي. (٣)

واعتُرِضَ: بأن في حديث عبادة - رضي الله عنه - ما هو من حق الله تعالى، وحقوق المخلوقين؛ كالسرقة، ونحوها، ولم يفرق بينهما النبي - صلى الله عليه وسلم -.

[المبحث الخامس: الترجيح]

الذي يَظْهُرُ صَوَابُه ـ والله تعالى أعلم ـ أنَّ آية الحرابة عامة في المسلمين وغيرهم، إلا أنَّ وعيد الآخرة المذكور فيها خاص فيمن نزلت فيهم الآية:

فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه -: "أَنَّ نَفَرًا - مِنْ عُكْلٍ، وَعُرَيْنَةَ (٤) - تَكَلَّمُوا


(١) المحرر الوجيز (٢/ ١٨٥).
(٢) انظر على الترتيب: تفسير القرطبي (٦/ ١٠٣)، والتسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي (١/ ٢٣٠)، وتفسير البحر المحيط، لأبي حيان (٣/ ٤٨٥)، والتحرير والتنوير، لابن عاشور (٦/ ١٨٦).
(٣) روح المعاني (٦/ ٣٩٧).
(٤) عُكْل: بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَان الْكَاف، قَبِيلَة مِنْ تَيْمِ الرَّبَاب، وعُرَيْنَة: بِالْعَيْنِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَالنُّونِ مُصَغَّرًا، حَيٌّ مِنْ قُضَاعَة وَحَيٌّ مِنْ بَجِيلَة، وهُمَا قَبِيلَتَانِ مُتَغَايِرَتَانِ: عُكْلٌ مِنْ عَدْنَان، وعُرَيْنَةُ مِنْ قَحْطَانَ. انظر: فتح الباري، لابن حجر (١/ ٤٠٢).

<<  <   >  >>