للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدنيا بإقامة الحد عليهم: خبر مجرد من الله تعالى، لا مدخل فيه للأمر والنهي، فَأُمِنَ دخول النسخ في شيء من ذلك، والحمد لله رب العالمين". اهـ (١)

ويرد على هذا القول:

بأن قتل العمد ورد فيه وعيد في الآخرة، كما ورد في آية الحرابة، فقال تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (٩٣)) [النساء: ٩٣]، مع أنَّ حديث عبادة - رضي الله عنه - نص على أنَّ حد القصاص مكفر لإثم القتل، فهل يقال: إنَّ وعيد القاتل مخصوص فيه، وأن الحد لا يكفره؟!

ويلزم من هذا القول أنَّ إقامة الحد على المحاربين غير مكفرٍ لهم، بل لا بد من التوبة مع الحد، وعليه فما الفائدة حينئذ من إقامة الحد، خصوصاً وقد ورد النص صريحاً بأن الحد مكفر للذنب، وهو نص عام في جميع الحدود.

المذهب الثالث: وهو مذهب القائلين باشتراط التوبة لتكفير الحد للذنوب، وهؤلاء لا تعارض عندهم بين الآية والحديث؛ لأن الوعيد في الآية إنما هو في حق من لم يتب.

وهذا المذهب هو اختيار: ابن جرير الطبري (٢)، وابن مفلح، وابن الهمام (٣).

قال ابن مفلح: "وأما آية المحاربة فإنما فيها له عذاب في الآخرة .... ، ونحن نقول بها، لكن على إصراره وعدم توبته، لا على ذنب حُدَّ عليه". اهـ (٤)

واعتُرِضَ: بأن حديث عبادة - رضي الله عنه - ورد مطلقاً ولم يُقيّد بالتوبة، وورد أيضاً بصيغة العموم على كل من أقيم عليه الحد.

المذهب الرابع: أنَّ الخزي الوارد في الآية إنما هو لمن عوقب في


(١) المحلى (١٢/ ١٤ - ١٥).
(٢) تفسير الطبري (٤/ ٥٦٠).
(٣) فتح القدير، لابن الهمام (٥/ ٢١١).
(٤) الآداب الشرعية (١/ ١٠٦).

<<  <   >  >>