للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٦٥) ـ (٥٦): وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا مِنْ غَازِيَةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُصِيبُونَ الْغَنِيمَةَ إِلَّا تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أَجْرِهِمْ مِنْ الْآخِرَةِ، وَيَبْقَى لَهُمْ الثُّلُثُ، وَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا غَنِيمَةً تَمَّ لَهُمْ أَجْرُهُمْ». (١)

[المبحث الثالث: بيان وجه التعارض بين الأحاديث]

في الآيةِ الكريمةِ وعْدٌ من اللهِ تعالى لمن قاتلَ في سبيلِهِ بأنَّ له أجراً عظيماً، إلا أنَّه سبحانه لم يُفَصِّل ويُبَيِّن هذا الأجرَ العظيم، وقد جاء في الحديثين المتقدِّمين بيانٌ وتفصيل لهذا الأجر؛ إلا أنَّ الحديثين ظاهرهما يُوهِمُ التعارض في بيان وتفصيل هذا الأجر:

ففي الأول: أنَّ له الأجرَ إذا لم يَغْنَم، أو الغنيمة ولا أجر، وفي الثاني:


= أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٤/ ٢١٥)، ومن طريقه الترمذي في سننه، في كتاب الجهاد، حديث
(٢٧٥٤)، وأخرجه أبو يعلى في مسنده (٢/ ٤٩٤)، جميعهم من طريق عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ فِرَاسٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، به.
وفي إسناده عطية بن سعد بن جنادة، ضَعَّفَه الإمام أحمد، وأبو حاتم الرازي. انظر: تهذيب التهذيب (٧/ ٢٠١).
القول الراجح من هذه الروايات:
الذي يظهر صوابه - والله تعالى أعلم - أن رواية «مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ» هي المحفوظة في الحديث، دون رواية الواو، يدل على هذا الاختيار:
١ - أنَّ رواية «مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ» أخرجها الشيخان دون الرواية الأخرى، ورواية الشيخين مقدمة عند الترجيح.
٢ - أنَّ حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - روي عنه من ستة طرق كلها متفقة على رواية «مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ»، ما عدا رواية مسلم عن يحيى بن يحيى، وقد تقدم أنَّ مسلماً لم يُتابع عليها.
٣ - أنَّ الأحاديث التي جاءت بصيغة «مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ» قد اختلف الرواة في نقلها، فبعضهم يرويها بلفظ «أو» والبعض الآخر يرويها بلفظ «و»، وهذا يدل على الاضطراب وعدم الضبط من قبل رواتها.
٤ - أنَّ رواية «مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ» لم تأتِ سالمة من الاضطراب إلا في حديث أبي مالك الأشعري، وحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنهم -، وكلاهما حديثان ضعيفان.
(١) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الإمارة، حديث (١٩٠٦).

<<  <   >  >>