للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: مسالك العلماء في دفع التعارض بين النصوص الشرعية]

إذا وقع تعارضٌ ظاهري بين نصين شرعيين فإن للعلماء في دفعه ثلاثة مسالك، يجب اتباعها حسب الترتيب الآتي (١):

أولاً: الجمع:

فأول ما يجب على المجتهد أنْ يُحاول الجمع بين النصين المتعارضين بقدر الإمكان، ولا يجوز له إعمال أحد النصين وترك الآخر؛ إلا إذا تعذر الجمع، أو ثبت أنَّ أحدهما ناسخ والآخر منسوخ، أو ثبت أنَّ في أحدهما علة توجب رده وعدم قبوله.

قال الشافعي: «لا يُنسب الحديثان إلى الاختلاف ما كان لهما وجهٌ يمضيان معاً». اهـ (٢)

وقال: «وكلما احتمل حديثان أنْ يُستعملا معاً استعملا معاً، ولم يُعَطِّلْ واحدٌ منهما الآخر». اهـ (٣)

وقال الخطابي: «وسبيل الحديثين إذا اختلفا في الظاهر وأمكن التوفيق بينهما وترتيب أحدهما على الآخر أنْ لا يُحملا على المنافاة ولا يُضرب بعضها ببعض، لكن يُستعمل كل واحدٍ منهما في موضعه، وبهذا جرت قضية العلماء». اهـ (٤)


(١) انظر: البحر المحيط، للزركشي (٨/ ١٦٨)، وفتح المغيث، للسخاوي (٣/ ٧٣)، وتدريب الراوي، للسيوطي (٢/ ١١٦)، والباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث، لأحمد شاكر، ص (١٧٠)، وقواعد التحديث، للقاسمي، ص (٣١٣)، ومختلف الحديث، لأسامة خياط، ص (١٣٧)، وأحاديث العقيدة، للدبيخي (١/ ٤٠).
(٢) الرسالة، للشافعي، ص (٣٤٢).
(٣) اختلاف الحديث، للشافعي، ص (٤٨٧).
(٤) معالم السنن، للخطابي (١/ ٦٨).

<<  <   >  >>