للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المذهب الخامس: أنَّ المراد بالآية دنو محمد - صلى الله عليه وسلم - من ربه تعالى.

جاء هذا التفسير عن ابن عباس، رضي الله عنهما، في تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨)) [النجم: ٨] قال: «هو محمد - صلى الله عليه وسلم - دنا فتدلى إلى ربه عز وجل». (١)

ورُوي هذا التفسير عن الضحاك (٢)، ومحمد بن كعب (٣).

[المبحث الخامس: الترجيح]

الذي يَظْهُرُ صَوَابُه - والله تعالى أعلم - هو ما ذهب إليه عامة المفسرين من تفسير الآية بدنو جبريل عليه السلام من نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأنَّ ما رُوي في حديث أنس - رضي الله عنه - من نسبة الدنو والتدلي إلى الله تعالى - هو مما تفرد به شريك، وهو لا يعدو أنْ يكون وهماً منه، أو رأياً تأوله في تفسير الآية، ولم يسمعه من أنس - رضي الله عنه -.

يدل على هذا الاختيار:

١ - أنَّ هذا التفسير هو الثابت عن عائشة، وابن مسعود، رضي الله عنهما (٤)، ولا يُعرف لهما مخالف من الصحابة (٥)؛ إلا ما روي عن ابن عباس، رضي الله عنهما، وسيأتي الجواب عنه.

٢ - أنه قد ثبت عن عائشة (٦)، وابن مسعود (٧)، رضي الله عنهما، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - فَسَّرَ قوله تعالى: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤))، بأنَّ المراد رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - لجبريل عليه السلام. ومرجع الضمير في قوله: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)) وقوله: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ) واحد، فلا يجوز أنْ يُخَالَفَ بينهما إلا بدليل.


(١) سيأتي تخريجه في مبحث الترجيح.
(٢) تفسير البغوي (٤/ ٢٤٦).
(٣) الشفا بتعريف حقوق المصطفى، للقاضي عياض (١/ ١٣١).
(٤) تقدم تخريجه عنهما في أول المسألة.
(٥) انظر: تفسير ابن كثير (٣/ ٥).
(٦) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الإيمان، حديث (١٧٧).
(٧) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٤١٢)، والبيهقي في الدلائل (٢/ ٣٧٢)، قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (٤/ ٢٦٩): «هذا إسناد جيد قوي».

<<  <   >  >>