للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البصري للآية، ثم قال: «وفي خبر كثير بن حبيش، عن أنس: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال مثل هذه اللفظة التي في خبر شريك بن عبد الله». اهـ (١)

ثم روى بإسناده حديث كثير بن حبيش، عن أنس - رضي الله عنه -، ولفظه: «فدنا إلى ربه فتدلى، فكان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى». (٢)

وكما ترى فإنَّ لفظ كثير بن حبيش مُغاير للفظ شريك؛ إذ في لفظ «شريك» نسبة الدنو إلى الله تعالى، وأما لفظ «كثير بن حبيش» ففيه: أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - هو الذي دنا إلى ربه عز وجل.

لكن روى الحديث ابنُ جرير في تفسيره، عن كثير بن حبيش، بلفظ موافق لرواية شريك، ولفظ الحديث كاملاً: عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لما عُرِجَ بي مضى جبريل حتى جاء الجنة، قال: فدخلتُ فأُعطيت الكوثر، ثم مضى حتى جاء السدرة المنتهى، فدنا ربُّك فتدلى، فكان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى». (٣)

وممن ذهب إلى نسبة الدنو إلى الله تعالى: القاضي أبو يعلى، في كتابه «إبطال التأويلات لأخبار الصفات»؛ فإنه أورد الآية ثم قال: «فعُلِمَ أنَّ المتدلي هو الذي يُوحي، وهو الله تعالى». اهـ (٤)

المذهب الثالث: أنَّ الدنو والتدلي في الآية المراد بهما دنو جبريل عليه السلام من الله تعالى.

رُوي هذا القول عن مجاهد (٥)، وبه قال ابن حبان (٦).

المذهب الرابع: أنَّ المراد بالآية دنو الله تعالى من جبريل عليه السلام.

رُوي هذا القول عن مجاهد (٧).


(١) كتاب التوحيد (٢/ ٥٢٩).
(٢) كتاب التوحيد، لابن خزيمة (٢/ ٥٣٠)، وقد تقدم الكلام عليه.
(٣) تفسير ابن جرير الطبري (١١/ ٥٠٩)، وقد تقدم الكلام عليه.
(٤) إبطال التأويلات لأخبار الصفات (١/ ١٢٥).
(٥) انظر: تفسير البغوي (٤/ ٢٤٦)، وزاد المسير، لابن الجوزي (٧/ ٢٧٥).
(٦) صحيح ابن حبان (١/ ٢٥٦، ٢٥٩).
(٧) أخرجه ابن جرير في تفسيره (١١/ ٥٠٩).

<<  <   >  >>