للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإجماع على أَنَّ بدأ الخلق كان في يوم السبت. (١)

ولكن شيخ الإسلام ابن تيمية لم يرتضِ دعوى الإجماع من أبي بكر ابن الأنباري، وعدَّ ذلك من الغلط. (٢)

ولأبي حيان الأندلسي مذهب غريب في الجمع بين الآيات والحديث، حيث يرى أَنَّ قوله تعالى: (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) [الأعراف: ٥٤] هو ظرف لخلق الأرض وحدها، دون خلق السماوات والأرض معاً؛ فيكون قوله: (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) متعلق بخلق الأرض، بتربتها وجبالها وشجرها ومكروهها ونورها ودوابها، وآدم عليه السلام، قال: وهذا يطابق الحديث الثابت في الصحيح. (٣)

قلت: وهذا الجمع في غاية الضعف، ويكفي في رده أنه مخالف لآيةِ فُصِّلَتْ؛ فإنها صريحة بأن مدة خلق الأرض استغرق أربعة أيام، ثم يومين للسماء.

[المبحث الخامس: الترجيح]

الذي يظهر صوابه - والله تعالى أعلم - أَنَّ حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - لا يصح رفعه للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن أبا هريرة إنما أخذه عن أهل الكتاب، لا من النبي - صلى الله عليه وسلم -، والذي يتقوى لدي أَنَّ الخطأ وقع من أيوب بن خالد، أحد رواة الحديث؛ فإنه لم يوثقه أحد سوى ابن حبان، وابن حبان معروف بتساهله في توثيق الرواة، كما نص على ذلك الأئمة، وحسبك ما نقله الأزدي عن أهل العلم بالحديث من تضعيفهم لأيوب بن خالد، وقوله: إن يحيى بن سعيد القطان ونظراءه كانوا لا يكتبون حديثه. وهذه الشهادة من الأزدي كافية في رد رواية أيوب، وعدم الاعتماد عليها، كيف وقد تفرد برواية هذا الحديث، ورفعه للنبي - صلى الله عليه وسلم -، مع ما في متنه من غرابة، ومعارضة لآيات القرآن الكريم.


(١) انظر: تعليق الحويني على تفسير ابن كثير (٢/ ٢٣٢).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى، لابن تيمية (١٧/ ٢٣٧).
(٣) انظر: تفسير البحر المحيط، لأبي حيان (٤/ ٣٠٩ - ٣١٠).

<<  <   >  >>