للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: بيان وجه الإشكال في الحديث]

ظاهر الحديث الشريف وقوع الشرك من آدم وحواء عليهما السلام، حيث جعلا لله شركاء في ذلك الولد الذي وُلِدَ لهما؛ إذ عَبَّدَاهُ لغير الله، وهو الذي تفرد سبحانه بإيجاده، وهذا مشكل؛ لأن الأنبياء عليهم السلام معصومون من الشرك قبل النبوة وبعدها إجماعاً. (١)

[المبحث الرابع: مسالك العلماء في دفع الإشكال الوارد في الحديث]

اتفق المفسرون على تنزيه مقام آدم - عليه السلام - من الشرك، وأنَّ ذلك لم يقع منه، ولا من الأنبياء قط، وقد عدّوا هذه الآيات - والحديث الوارد في تفسيرها - من مشكلات التفسير، ولهم في دفع الإشكال الوارد فيهما مسلكان:


= فقال: كان هذا في بعض أهل الملل ولم يكن بآدم. وعنه قال: عني بها ذرية آدم ومن أشرك منهم بعده. وعنه قال: هم اليهود والنصارى رزقهم الله أولاداً فهودوا ونصّروا.
ذكر ذلك الحافظ ابن كثير في تفسيره (٢/ ٢٨٦) من طرق عنه، ثم قال: «وهذه أسانيد صحيحة عن الحسن - رضي الله عنه - أنه فسر الآية بذلك، وهو من أحسن التفاسير وأولى ما حُمِلتْ عليه الآية، ولو كان هذا الحديث عنده محفوظاً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما عدل عنه هو ولا غيره، ولا سيما مع تقواه لله وورعه، فهذا يدلك على أنه موقوف على الصحابي، ويحتمل أنه تلقاه من بعض أهل الكتاب من آمن منهم، مثل كعب أو وهب بن منبه، وغيرهما». اهـ
النتيجة: أنَّ الحديث لا يصح رفعه للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد ضعفه الحافظ ابن كثير في تفسيره (٢/ ٢٨٦)، والألباني في «سلسلة الأحاديث الضعيفة» (١/ ٥١٦)، حديث (٣٤٢). وقد ذكرا بعضاً من العلل التي أوردتها، فانظرها في كتابيهما المذكورين آنفاً.
(١) انظر حكاية الإشكال في الكتب الآتية: تفسير السمعاني (٢/ ٢٣٩)، وتفسير البغوي (٢/ ٢٢١)، وأحكام القرآن، لابن العربي (٢/ ٣٥٥)، وعصمة الأنبياء، للرازي، ص (٢٩)، والإتقان في علوم القرآن، للسيوطي (١/ ٢٨٠)، وتحفة الأحوذي، للمباركفوري (٨/ ٢٦٦)، والقول المفيد على كتاب التوحيد، لابن عثيمين (٣/ ٦٧).

<<  <   >  >>