للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا القول فيه حمل للآيات على المجاز، وذلك بتشبيه الكفار الأحياء بالموتى.

وقد قال بهذا القول: ابن قتيبة، والخطابي، والبغوي، والزمخشري، والسهيلي، وأبو العباس القرطبي، والسمعاني، والمُلا علي بن سلطان القاري، والسيوطي، والشنقيطي، وابن عثيمين. (١)

قال السهيلي: "جعل الكفار أمواتاً وصُمَّاً على جهة التشبيه بالأموات وبالصم؛ فالله هو الذي يُسْمِعُهُم على الحقيقة إذا شاء، لا نبيه - صلى الله عليه وسلم - ولا أحد، فإذاً لا تعلق بالآية من وجهين:

أحدهما: أنَّها إنما نزلت في دعاء الكفار إلى الإيمان.

الثاني: أنه إنما نفى عن نبيه - صلى الله عليه وسلم - أنْ يكون هو المسمع لهم، وصدق الله فإنه لا يسمعهم إذا شاء إلا هو، ويفعل ما شاء، وهو على كل شيء قدير". اهـ (٢)

وقال الشنقيطي: "اعلم أنَّ التحقيق الذي دلت عليه القرائن القرآنية واستقراء القرآن أنَّ معنى قوله: (إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى)، أي لا تسمع الكفار - الذين أمات الله قلوبهم، وكتب عليهم الشقاء في سابق علمه - إسماع هدىً وانتفاع؛ لأن الله كتب عليهم الشقاء، فختم على قلوبهم وعلى سمعهم، وجعل على قلوبهم الأكنة، وفي آذانهم الوقر، وعلى أبصارهم الغشاوة، فلا يسمعون الحق سماع اهتداء وانتفاع". اهـ (٣)


(١) انظر على الترتيب: تأويل مختلف الحديث، لابن قتيبة، ص (١٤٣)، وغريب الحديث، للخطابي (١/ ٣٤٢)، وشرح السنة، للبغوي (٧/ ١٢٢)، والكشاف، للزمخشري (٣/ ٣٧٠)، والروض الأنف، للسهيلي (٣/ ٨٥ - ٨٦)، والمفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي (٢/ ٥٨٥)، وتفسير السمعاني (٤/ ١١٢)، ومرقاة المفاتيح، للملا علي القاري (٧/ ٤٧٥)، والحاوي للفتاوى، للسيوطي (٢/ ٥٣)، وأضواء البيان، للشنقيطي (٦/ ٤١٦)، والشرح الممتع، لابن عثيمين (٥/ ٣٨٥)، طبعة دار ابن الجوزي.
(٢) الروض الأنف، للسهيلي (٣/ ٨٥ - ٨٦).
(٣) أضواء البيان، للشنقيطي (٦/ ٤١٦)، باختصار.

<<  <   >  >>