للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الحافظ ابن حجر: «ولا يُعارض قوله إنها في السادسة ما دلَّت عليه بقية الأخبار أنه وصل إليها بعد أنْ دخل السماء السابعة؛ لأنه يُحمل على أنَّ أصلها في السماء السادسة، وأغصانها وفروعها في السابعة، وليس في السادسة منها إلا أصل ساقها». اهـ (١)

الثاني: مسلك الترجيح بين الأحاديث:

ويرى أصحاب هذا المسلك أنَّ لسدرة المنتهى مكاناً واحداً لا غير، وهذا المكان هو ما جاء مرفوعاً في حديث أنس من أنها في السماء السابعة، وأما ما جاء في حديث عبد الله بن مسعود من أنها في السادسة فموقوف عليه، والمرفوع أولى من الموقوف.

وهذا مذهب: ابن العربي، والقاضي عياض، وأبي العباس القرطبي، والحافظ ابن رجب، والملا علي القاري. (٢)

قال أبو العباس القرطبي: «في حديث أنس ما يقتضي أنَّ السدرة في السماء السابعة أو فوقها؛ لقوله: «ثم ذهب بي إلى السدرة» بعد أنْ استفتح السماء السابعة فَفُتِحَ له فدخل، وفي حديث عبد الله أنها في السماء السادسة، وهذا تعارضٌ لا شك فيه، وما في حديث أنس أصح، وهو قول الأكثر، وهو الذي يقتضيه وصفها بأنها التي يَنْتَهي إليها علمُ كلِّ مَلَكٍ مُقَرَّب ... ، وأيضاً فإنَّ حديث أنس مرفوع، وحديث عبد الله موقوف عليه من قوله، والمسند المرفوع أولى». اهـ (٣)

وقال الحافظ ابن رجب: «وقول ابن مسعود: «إنَّ سدرة المنتهى في السماء السادسة» يُعارضه حديث أنس المرفوع من طُرُقِهِ كُلِّها؛ فإنَّه يدل على أنها في


(١) فتح الباري، لابن حجر (٧/ ٢٥٣).
(٢) انظر على الترتيب: عارضة الأحوذي، لابن العربي (١٢/ ١١٩)، وإكمال المعلم بفوائد مسلم، للقاضي عياض (١/ ٥٢٥)، والمفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي (١/ ٣٩٤)، وفتح الباري، لابن رجب (١/ ١١٨)، وعمدة القاري، للعيني (١٠/ ٥٦٧).
(٣) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي (١/ ٣٩٤).

<<  <   >  >>