للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإيرادات والاعتراضات على هذا الاختيار:

الإيراد الأول: أنَّ لفظ الآية عام في عصمته - صلى الله عليه وسلم - من كل شيء، وتخصيصها بالقتل فقط تحكم بلا دليل.

والجواب: أنَّ القول بعمومها فيه مصادمة للوقائع التي جرت للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ومحال أن يَعِدَ الله نبيه بالعصمة مطلقاً ثم يقع خِلاف ذلك، فدل على أنَّ الله تعالى لم يُرِدْ العصمة مطلقاً، وإنما أراد القتل فقط.

الإيراد الثاني: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر بأن السم الذي وضع له بخيبر لم يزل مؤثراً فيه حتى أدى به إلى الوفاة؛ فيكون مات قتيلاً بسببه.

والجواب: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يمت في الحال من ذلك السم الذي وضع له، بل عاش بعد ذلك ثلاث سنين حتى كان وجعه الذي توفي فيه، فلو كان السُّمُّ قد أثر فيه لمات في الحال، كما مات الصحابي بشر بن البراء - رضي الله عنه - الذي أكل معه - والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يمت إلا بعد أن أكمل الله تعالى دينه، وشاء سبحانه أن يُظْهِر أثر السم قُرْبَ وفاته لِمَا أراد مِنْ إكرامه بالشهادة، وتكميل مراتب الفضل كلها له - صلى الله عليه وسلم -. (١)


= عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -: أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ نَجْدٍ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَفَلَ مَعَهُ فَأَدْرَكَتْهُمْ الْقَائِلَةُ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْعِضَاهِ يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَحْتَ سَمُرَةٍ فَعَلَّقَ بِهَا سَيْفَهُ، قَالَ جَابِرٌ: فَنِمْنَا نَوْمَةً، ثُمَّ إِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُونَا؛ فَجِئْنَاهُ؛ فَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ جَالِسٌ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِي وَأَنَا نَائِمٌ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا، فَقَالَ لِي: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قُلْتُ: اللَّهُ، فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ. ثُمَّ لَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ". أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب المغازي، حديث (٤١٣٧)، ومسلم في صحيحه، في كتاب صلاة المسافرين، حديث (٨٤٣).
وقد أورد القاضي عياض، والإمام أبي عبد الله القرطبي، وقائع كثيرة من هذا النوع، انظرها في:
الشفا بتعريف حقوق المصطفى، للقاضي عياض (١/ ٢١٢)، والإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام، للقرطبي (١/ ٣٧٥ - ٣٨٠). وانظر أيضاً: كتاب "محاولات اغتيال النبي - صلى الله عليه وسلم - وفشلها"، لمحمود نصار، والسيد يوسف، فقد ذكرا إحدى عشرة محاولة.
(١) انظر: الآداب الشرعية، لابن مفلح (٣/ ٩٣).

<<  <   >  >>