للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مجاز، والمراد يضع عليهم مثلها بذنوبهم، لكن لما أسقط سبحانه وتعالى عن المسلمين سيئاتهم، وأبقى على الكفار سيئاتهم، صاروا في معنى من حمل إثم الفريقين، لكونهم حملوا الإثم الباقي، وهو إثمهم. (١)

ذكر هذا الجواب: ابن الجوزي، وابن مفلح، والنووي. (٢)

الوجه الثالث في معنى الحديث: أنْ يكون المراد آثاماً كان للكفار سببٌ فيها، بأنْ سَنّوها، فتُسْقَطُ عن المسلمين بعفو الله تعالى، ويُوضع على الكفار مثلها، لكونهم سَنّوها، ومن سَنَّ سُنَّة سيئة كان عليه مثل وزْرِ كل من عمل بها. (٣)

ذكر هذا الجواب: ابن مفلح، والنووي. (٤)

الثاني: مسلك الترجيح:

حيث ذهب بعض العلماء إلى تضعيف الحديث بروايته الثالثة، كالإمام البخاري، والبيهقي، والحافظ ابن حجر.

أما البخاري فأعله بسبب الاختلاف فيه على أبي بُردة، ولأنه مُعارِضٌ لحديث الشفاعة، والذي فيه: "أَنَّ قوماً يُعذبون ثم يخرجون من النار" (٥). قال: ورواة حديث الشفاعة أكثر وأبين وأشهر. (٦)

وأما البيهقي فقد تقدم ذكر سبب إعلاله للحديث عند تخريجه في أول المسألة، وملخص رأيه:

- أَنَّ الحديث بلفظه الثالث هو مما تفرد به شداد أبو طلحة الراسبي،


(١) انظر: شرح صحيح مسلم، للنووي (١٧/ ١٣٣).
(٢) انظر على الترتيب: كشف المشكل من حديث الصحيحين، لابن الجوزي (١/ ٤١٩)، والآداب الشرعية، لابن مفلح (١/ ٩٠)، وشرح صحيح مسلم، للنووي (١٧/ ١٣٣).
(٣) انظر: شرح صحيح مسلم، للنووي (١٧/ ١٣٣).
(٤) انظر على الترتيب: الآداب الشرعية، لابن مفلح (١/ ٩٠)، وشرح صحيح مسلم، للنووي (١٧/ ١٣٣).
(٥) عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الله يخرج قوماً من النار بالشفاعة". أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الإيمان، حديث (١٩١).
(٦) التاريخ الكبير (١/ ٣٨ - ٣٩).

<<  <   >  >>