وقد دافع عن هذا الاضطراب ابن حبان في صحيحه (٨/ ١٧٨) فقال: "اختلف شعبة والثوري في إسناد هذا الخبر، فقال الثوري: عن سالم عن جابان، وهما ثقتان حافظان، إلا أَنَّ الثوري كان أعلم بحديث أهل بلده من شعبة وأحفظ لها منه، ولا سيما حديث الأعمش وأبي إسحاق ومنصور، فالخبر متصل عن سالم عن جابان، فمرة روي كما قال شعبة، وأخرى كما قال سفيان". اهـ هكذا قال ابن حبان، فهو يرى أَنَّ الحديث له طريقان، وليس هناك اضطراب، لكن الحق أَنَّ فيه اضطراباً على منصور بن المعتمر، وعلى سالم بن أبي الجعد، ولو سَلِمَ له الأول فلن يسلم له الثاني. الرابعة: الاختلاف في وقفه ورفعه؛ حيث جاء موقوفاً من طريق الحكم، عن سالم، عن عبد الله، ومن طريق شعبة، عن يزيد، عن سالم، عن عبد الله، وجاء مرفوعاً في بقية الطرق. الخامسة: اختلاف الرواة في لفظه، فبعضهم لا يذكر ولد الزنا، والبعض الآخر يذكره. وهذه العلل تُضعف الحديث، خاصة الزيادة الواردة في آخره، وهي قوله: "ولا ولد زنية"، إلا أَنَّ هذه الزيادة لها شواهد، وقد صححها الألباني في الصحيحة (٢/ ٢٨٥) باعتبار تلك الشواهد، وسيأتي تخريجها والكلام عليها بعد هذا. (١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٦/ ٤٦٣)، وابن ماجة في سننه، في كتاب الأحكام، حديث (٢٥٣١)، والنسائي في السنن الكبرى (٣/ ١٧٥)، وإسحاق بن راهويه في مسنده (٥/ ١٠٨)، والطحاوي في المشكل (١/ ٣٧٧)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٦/ ٢١٠)، والحاكم في المستدرك (٤/ ٤٤)، والطبراني في المعجم الكبير (٢٥/ ٣٤)، جميعهم من طريق إسرائيل بن يونس، عن زيد بن جبير، عن أبي يزيد الضبي، عن ميمونة، به. والحديث إسناده ضعيف؛ من أجل أبي يزيد الضبي، فإنه رجل مجهول، قال البخاري ـ فيما نقله عنه الترمذي في العلل (١/ ١١٧): "أبو يزيد لا أعرف اسمه، وهو رجل مجهول"، وقال الدارقطني في سننه (٢/ ١٨٤): "أبو يزيد الضبي ليس بمعروف"، وكذا قال أبو جعفر الطحاوي في شرح معاني الآثار (٢/ ٨٩)، وابن حزم في المحلى (٦/ ٣٤٠)، (٨/ ١٩٩)، وقال عبد الغني بن سعيد وابن ماكولا: "منكر الحديث". انظر: تهذيب التهذيب، لابن حجر (١٢/ ٣٠٥). وممن حكم بضعف الحديث: البوصيري في مصباح الزجاجة (٣/ ١٠١)، والألباني في ضعيف ابن ماجة (١/ ٢٠٠). =