للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) [الطور: ٢١]، وولد الزنا لا يدخل بعمل أصليه، أما الزاني فنسبه منقطع، وأما الزانية فشؤم زناها ـ وإن صلحت ـ يمنع من وصول بركة صلاحها إليه.

وهذا التأويل قال به الطالقاني (١). (٢)

المذهب السادس: أَنَّ الحديث فيه تغليظ وتشديد على ولد الزنية، تعريضاً بالزاني؛ لئلا يورطه في السفاح، فيكون سبباً لشقاوة نسمة بريئة.

وهذا التأويل قال به الطيبي، قال: "ومما يؤذن أنه تغليظ وتشديد: سلوك ولد الزنية في قرن العاق والمنان ومدمن الخمر، ولا ارتياب أنهم ليسوا من زمرة من لا يدخل الجنة أبداً". اهـ (٣)

المسلك الثاني: مسلك تضعيف الحديث.

حيث ذهب جمعٌ من العلماء إلى أَنَّ الحديث لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فوصفه بالاضطراب الدارقطني (٤)، وضعفه الحافظ ابن حجر (٥)، وحكم عليه بالوضع: ابن الجوزي، والسيوطي، وابن عرَّاق (٦)، وابن طاهر (٧)، والعجلوني (٨)، والشوكاني. (٩)

ثالثاً: مسالك العلماء في حديث: "نَعْلَانِ أُجَاهِدُ بِهِمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعْتِقَ وَلَدَ زِنًا".

هذا الحديث لم يصححه أحد من العلماء حسب ما وقفت عليه، وقد تأوله الطحاوي بعد روايته له، بأنه محمول على من تحقق بالزنا حتى صار


(١) هو: أحمد بن إسماعيل بن يوسف الطالقاني، رضي الدين القزويني: واعظ، عالم بالحديث، من أهل قزوين مولداً ووفاة، أقام زمناً في بغداد، ودرس بالنظامية، وكان إماماً في فقه الشافعية، من مؤلفاته: (التبيان في مسائل القرآن) رد به على الحلولية والجهمية، و (تعريف الأصحاب سواء السبيل)، وغيرها، توفي سنة (٥٩٠هـ). انظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي (٢١/ ١٩٠)، والأعلام، للزركلي
(١/ ٩٦).
(٢) انظر: التدوين في أخبار قزوين، للرافعي (٢/ ١٤٤)، وفيض القدير، للمناوي (٤/ ٤٢٨).
(٣) شرح الطيبي على مشكاة المصابيح (٧/ ٢١٣).
(٤) العلل، للدارقطني (٩/ ١٠٢).
(٥) الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف، لابن حجر (٤/ ٥٧٦).
(٦) هو: علي بن محمد بن علي بن عبد الرحمن بن عراق الكناني، نور الدين: فقيه، متصوف، له نظم، وفيه قوة على نقد الشعر. ولد في دمشق ورحل إلى الحجاز فتولى الإمامة بالمدينة وتوفي فيها. له: (تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة)، في الحديث، أتم تأليفه بمصر سنة (٩٥٤هـ)، وأهداه إلى السلطان سليمان العثماني، توفي سنة (٩٦٣هـ). انظر: الأعلام، للزركلي (٥/ ١٢).
(٧) هو: محمد بن طاهر الصديقي الهندي، الفتني، جمال الدين: عالم بالحديث ورجاله، كان يلقب بملك المحدثين، نسبته إلى فتن (من بلاد كجرات بالهند) ومولده ووفاته فيها، من كتبه (مجمع بحار الأنوار في غرائب التنزيل ولطائف الأخبار)، و (تذكرة الموضوعات)، وغيرها، توفي سنة (٩٨٦هـ). انظر: الأعلام، للزركلي (٦/ ١٧٢).
(٨) هو: إسماعيل بن محمد بن عبد الهادي الجراحي العجلوني الدمشقي، أبو الفداء: محدث الشام في أيامه. مولده بعجلون ومنشأه ووفاته بدمشق. له كتب منها (كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس)، و (الفيض الجاري في شرح صحيح البخاري)، وغيرها، توفي سنة (١١٦٢هـ). انظر: الأعلام، للزركلي (١/ ٣٢٥).
(٩) انظر على الترتيب: الموضوعات، لابن الجوزي (٣/ ١١١)، واللآلئ المصنوعة، للسيوطي (٢/ ١٦٣)، وتنزيه الشريعة، لابن عراق (٢/ ٢٢٨)، وكشف الخفاء، للعجلوني (٢/ ٤٥٢)، وتذكرة الموضوعات، لمحمد بن طاهر الهندي، ص (١٨٠)، والفوائد المجموعة، للشوكاني (١/ ٢٠٤).

<<  <   >  >>