للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى ورحمته لعباده في اقتسام المنازل في الجنة، كما هو في دخول الجنة لا ينفك منه، حين ألهمهم إلى ما نالوا به ذلك، ولا يخلو شيء من مجازاة الله عباده من رحمته وتفضله، ألا ترى أنه تعالى جازى على الحسنة عشرًا، وجازى على السيئة واحدة، وأنه ابتدأ عباده بنعم لا تُحصى، لم يتقدم لهم فيها سبب ولا فعل، منها أنْ خلقهم بشرًا سوياً، ومنها نعمة الإسلام ونعمة العافية ونعمة تضمنه تعالى لأرزاق عباده، وأنه كتب على نفسه الرحمة، وأنَّ رحمته سبقت غضبه، إلى ما لا يُهتَدى إلى معرفته من ظاهر النعم وباطنها". اهـ (١)

المذهب السادس: أنَّ الباء في الآية للسببية العادية، أي المجاز، وفي الحديث للسببية الحقيقية.

وهذا مذهب: ابن عطية، وأبي حيان، والملا علي القاري، والآلوسي، والقاسمي. (٢)

قال ابن عطية: "وقوله: (بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي بما كان في أعمالكم من تكسبكم، وهذا على التجوز، علَّق دخولهم الجنة بأعمالهم من حيث جعل الأعمال أمارة لإدخال العبد الجنة، ويعترض في هذا المعنى قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَا يَدْخُلُ أَحَدُكُمْ الْجَنَّةَ بِعَمَلِهِ"، وهذه الآية تُردُّ بالتأويل إلى معنى الحديث". اهـ (٣)

المذهب السابع: أنَّ الآية في العمل المقبول، والحديث في العمل المجرد من القبول.

وهذا مذهب الحافظ ابن حجر، والشنقيطي (٤).


(١) شرح صحيح البخاري، لابن بطال (١٠/ ١٨٠)، وانظر: فتح الباري، لابن حجر (١١/ ٣٠١).
(٢) انظر على الترتيب: المحرر الوجيز، لابن عطية (٣/ ٣٩٠)، وتفسير البحر المحيط، لأبي حيان (٤/ ٣٠٢)، ومرقاة المفاتيح، للملا علي القاري (٣/ ٣٤٨)، وروح المعاني، للآلوسي (٨/ ٢٠٤)، (١٤/ ٥٠٢)، ومحاسن التأويل، للقاسمي (٥/ ٥٩).
(٣) المحرر الوجيز، لابن عطية (٣/ ٣٩٠).
(٤) أضواء البيان، للشنقيطي (٤/ ١٩٧)، (٧/ ٢٨٤).

<<  <   >  >>