للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمَّا إذا خاف ضرراً في دِيْنِه، أو فِتْنَةً فيه؛ فلا كَرَاهَة في تَمَنِّيَ الموت والحالة هذه، في مذهب جمهور العلماء. (١)

وذهب أبو العباس القرطبي إلى المنع مطلقاً، أخذاً بإطلاق حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. (٢)

وحجة الجمهور:

١ - أَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أطلق - في حديث أبي هريرة - النهي عن تَمَنِّيَ الموت، وقيَّده في حديث أنس، بأن يكون تمنيه له لضُرٍّ نزل به؛ فيُحمل المُطلق على المُقيد. (٣)

٢ - أَنَّ مُطلق حديث أنس يشمل الضُّرَّ الدنيوي والأخروي، لكن المراد إنما هو الضُّر الدنيوي فقط، بدليل رواية: "لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ فِي الدُّنْيَا" (٤)،


= العراقي في "طرح التثريب" (٣/ ٢٥٣). وانظر: إكمال المعلم، للقاضي عياض (٨/ ١٧٩)، وشرح صحيح مسلم، للنووي (١٧/ ١٢).
(١) انظر: المحلى، لابن حزم (٣/ ٣٩٦)، والتمهيد، لابن عبد البر (٨/ ٢٨)، وشرح السنة، للبغوي
(٣/ ١٩٧)، وعارضة الأحوذي، لابن العربي (٤/ ١٥٤)، وإكمال المعلم، للقاضي عياض (٨/ ١٧٩)، والمحرر الوجيز، لابن عطية (٣/ ٢٨٣) و (٤/ ١٠)، وتفسير القرطبي (٩/ ١٧٦)، وشرح صحيح مسلم، للنووي (١٧/ ١٢)، واختيار الأولى، لابن رجب، ص (٩١)، وتفسير ابن كثير (٢/ ٥١٠)
و (٣/ ١٢٣)، وطرح التثريب، للعراقي (٣/ ٢٥٦)، وفتح الباري، لابن حجر (١٠/ ١٣٣)، وعمدة القاري، للعيني (٢٢/ ٣٠٦).
(٢) قال أبو العباس القرطبي - بعد أن أورد حديث أبي هريرة وأنس رضي الله عنهما -: "وأما حديث أبي هريرة ففيه النهي عن تمني الموت مطلقاً لضُرٍّ ولغير ضُرٍّ، ألا ترى أنه علل النهي بانقطاع العمر، وهذان الحديثان يفيدان مقصودين مختلفين لا يُحمل أحدهما على الآخر". اهـ من المفهم (٢/ ٦٤٢).
(٣) انظر: طرح التثريب، للعراقي (٣/ ٢٥٦).
(٤) هذه الزيادة وردت في حديث أنس - رضي الله عنه -، من طريق حميد بن أبي حميد الطويل، وهو ثقة من رجال الصحيحين، وقد رُويت عن حميد من أربعة طرق:
الأول: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٦/ ٤٤، ١٠٨)، عن عبيدة بن حميد، عن حميد، به.
الثاني: أخرجه النسائي في السنن الصغرى، في كتاب الجنائز، حديث (١٨٢٠)، عن قتيبة بن =

<<  <   >  >>