للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

توجيه الآيات ودفع التعارض بينها وبين الأحاديث، وقالوا في توجيه الآيات:

إنَّ يوسف عليه السلام إنما دعا ربَّه أنْ يتوفاه مسلماً عند حضور أجله، ولم يَسْأل الموت مُنَجَّزاً، وهذا الذي فَعَلَه يوسف عليه السلام لا محذور فيه، ولا يُعارض الأحاديث التي فيها النهي عن تَمَنِّيَ الموت والدعاء به؛ فإنَّ كلَّ أحدٍ يسأل ربَّه أنْ يتوفاه على الإسلام. (١)

قالوا: ولو سلَّمنا بأَنَّ يوسف عليه السلام دعا بالموت منجزاً؛ فإنَّ هذا لا يُعارض الأحاديث؛ لأنَّ فِعْلَه هذا ليس من شرعنا، وإنما من شرع من قبلنا، وشرع من قبلنا إنما يُؤخذ به إذا لم يَرِدْ في شرعنا ما يُخالفه. (٢)

وأمَّا مريم عليها السلام فإنما تمنَّت الموت لوجهين:

أحدهما: أَنَّها خافت أنْ يُظنَّ بها السوء في دينها وتُعَيَّر، فيَفْتِنها ذلك. (٣)

الثاني: لئلا يقع قومٌ بسببها في البُهتان والزُّور، والنِّسبة إلى الزِّنا، وذلك مُهلِكٌ لهم. (٤)


(١) انظر: الناسخ والمنسوخ، للنحاس (٢/ ٤٥٧)، والمحلى، لابن حزم (٣/ ٣٩٦)، والمحرر الوجيز، لابن عطية (٣/ ٢٨٣)، وزاد المسير، لابن الجوزي (٤/ ٢٥٥)، وتفسير القرطبي (٩/ ١٧٦)، وتفسير البحر المحيط، لأبي حيان (٥/ ٣٤٣)، وتفسير ابن كثير (٢/ ٥١٠)، وطرح التثريب، للعراقي (٣/ ٢٥٤)، وعمدة القاري، للعيني (٢١/ ٢٢٦)، وتفسير الثعالبي (٢/ ٢٥٩)، وروح المعاني، للآلوسي (١٣/ ٨٠)، ومحاسن التأويل، للقاسمي (٦/ ٢٢٢).
(٢) انظر: تفسير القرطبي (٩/ ١٧٦)، وتفسير ابن كثير (٢/ ٥١٠)، وطرح التثريب، للعراقي (٣/ ٢٥٤)، وفتح الباري، لابن حجر (١٠/ ١٣٦).
(٣) ذكر هذا الوجه: البغوي في تفسيره (٣/ ١٩٢)، وابن عطية في "المحرر الوجيز" (٤/ ١٠)، والقرطبي في تفسيره (١١/ ٦٣)، وابن جزي في "التسهيل" (١/ ٤٧٩)، وأبو حيان في "البحر المحيط" (٦/ ١٧٢)، والحافظ ابن كثير في تفسيره (٢/ ٥١٠)، (٣/ ١٢٣)، والحافظ أبو زرعة العراقي في "طرح التثريب"
(٣/ ٢٥٧)، والشوكاني في "فتح القدير" (٣/ ٤٦٩)، والآلوسي في "روح المعاني" (١٥/ ٥٣٢)، والقاسمي في "محاسن التأويل" (٧/ ٩١)، والشنقيطي في "أضواء البيان" (٤/ ٢٤١).
(٤) ذكر هذا الوجه: الجصاص في أحكام القرآن (٣/ ٢٨٤)، والقرطبي في تفسيره (١١/ ٦٣)، والشوكاني في فتح القدير (٣/ ٤٦٩)، والآلوسي في روح المعاني (١٥/ ٥٣٢).

<<  <   >  >>