للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ". (١)

قال أبو العباس القرطبي: "فيه دليلٌ على أَنَّ من لم تبلغه دعوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أمره لا عقاب عليه ولا مؤاخذه، وهذا كما قال تعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا) [الإسراء: ١٥]، ومن لم تبلغه دعوة الرسول ولا معجزته فكأنه لم يُبعث إليه رسول". اهـ (٢)

وسيأتي ذكر أجوبة أصحاب هذا المسلك عن الأحاديث الواردة في المسألة - التي تُفيد بظاهرها تعذيب أهل الفترة - وذلك عند ذكر أجوبة أصحاب المسلك الثالث، إن شاء الله تعالى.

المسلك الثاني: مسلك إعمال الأحاديث دون الآيات.

ويرى أصحاب هذا المسلك أَنَّ أهل الفترة في النار، وأنهم يُعذبون بسبب شركهم.

وعلى هذا المسلك الإمام أبو حنيفة. (٣)

وحكى القرافي في شرح تنقيح الفصول الإجماع عليه فقال: "انعقد الإجماع على أَنَّ موتى الجاهلية في النار، يُعذبون على كفرهم". اهـ (٤)

وحكاه الآلوسي عن أبي منصور الماتريدي (٥)، ومُتَّبِعيه. (٦)

وبه قال: النووي، وابن عطية، والحليمي، والفخر الرازي، والخازن، ومحمد بن إسماعيل الصنعاني، والآلوسي، وابن عاشور (٧).


(١) أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب الإيمان، حديث (١٥٣).
(٢) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي (١/ ٣٦٨).
(٣) انظر: أدلة معتقد أبي حنيفة الأعظم في أبوي الرسول عليه السلام، لعلي القاري، ص (٦٢)،
ورد المحتار، لابن عابدين (٣/ ١٨٤).
(٤) شرح تنقيح الفصول، للقرافي، ص (٢٣٣). وانظر: أضواء البيان، للشنقيطي (٣/ ٤٧٥).
(٥) هو: محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور الماتريدي: من أئمة علماء الكلام. نسبته إلى ماتريد (محلة بسمرقند) من كتبه (التوحيد) و (أوهام المعتزلة) و (الرد على القرامطة) و (مآخذ الشرائع) في أصول الفقه، وكتاب (الجدل) و (تأويلات القرآن) و (تأويلات أهل السنة) و (شرح الفقه الأكبر) المنسوب للإمام أبي حنيفة. مات بسمرقند سنة (٣٣٣هـ). انظر: الأعلام، للزركلي (٧/ ١٩).
(٦) انظر: روح المعاني، للآلوسي (١٥/ ٥٣).
(٧) انظر على الترتيب: شرح صحيح مسلم، للنووي (٣/ ٩٧)، والمحرر الوجيز، =

<<  <   >  >>