للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قد كُتِبَ لك بالذي أمرتُ لك به". (١)

ووجه الدلالة: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نظر في المكتوب وعرفه؛ فدل على معرفته بالقراءة، والكتابة فرع عنها.

واعترض أصحاب المذهب الثاني على هذه الأدلة بأنها ضعيفة كلها، عدا رواية البخاري، وسيأتي الجواب عنها. (٢)

الثاني: مذهب إعمال الآيات على ظاهرها، وتأويل الحديث.

وهذا مذهب الجمهور من العلماء (٣)، منهم: ابن حبان، والبيهقي، وابن التين، والنووي، والبغوي، والسهيلي، وابن عطية، وأبو عبد الله القرطبي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن كثير، وابن حجر، والعيني، والسيوطي،


= عليهما أمراً؛ فكتب لهما كتابين إلى عامله بالبحرين يأمره بقتلهما وقال: إني قد كتبت لكما بجائزة .. فاجتازا بالحيرة، فأعطى المتلمس صحيفته صبياً فقرأها فإذا فيها يأمر عامله بقتله، فألقاها في الماء ومضى إلى الشام، وقال لطرفة: افعل مثل فعلي فإن صحيفتك مثل صحيفتي، فأبى عليه ومضى بها إلى العامل، فأمضى فيه حكمه وقتله، فَضُرِبَ بهما المثل. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير (٣/ ١٣).
(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٧/ ٢٤)، من طريق مسكين بن بكير، عن محمد بن المهاجر، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي كبشة السلولي، عن سهل، به.
وفي إسناده "مسكين بن بكير الحراني" صدوق يخطيء، كما في التقريب (٢/ ٢٠٥)، وقال أبو أحمد الحاكم: كان كثير الوهم والخطأ. انظر: تهذيب التهذيب، لابن حجر (١٠/ ١٠٩).
وأخرجه أبو داود في سننه، في كتاب الزكاة، حديث (١٦٢٩)، من طريق عبد الله بن محمد النفيلي، عن محمد بن المهاجر، به. وليس فيه أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ الكتاب، ولفظه: "وَأَمَّا عُيَيْنَةُ فَأَخَذَ كِتَابَهُ وَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَانَهُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَتُرَانِي حَامِلًا إِلَى قَوْمِي كِتَابًا لَا أَدْرِي مَا فِيهِ كَصَحِيفَةِ الْمُتَلَمِّسِ. فَأَخْبَرَ مُعَاوِيَةُ بِقَوْلِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
وهذا اللفظ هو المحفوظ في الحديث، فقد رواه الإمام أحمد في مسنده (٤/ ١٨٠)، من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي كبشة، به. وفيه: "فَأَخْبَرَ مُعَاوِيَةُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِمَا". وليس فيه أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ المكتوب أو نظر فيه. ورجال أحمد رجال الصحيح كما في مجمع الزوائد، للهيثمي (٣/ ٩٦).
(٢) انظر: فتح الباري، لابن حجر (٧/ ٥٧٥).
(٣) حكاه مذهب الجمهور: القاضي عياض في "إكمال المعلم" (٦/ ١٥١)، والحافظ ابن حجر في الفتح (٧/ ٥٧٥).

<<  <   >  >>