النتيجة: وبعد هذا الاستطراد في ذكر طرق الحديث وألفاظه يحسن بنا ذكر النتيجة والخلاصة من ذلك: رُوي حديث ابن عباس من ثلاث طرق: الأول: طريق عبيد الله بن عبد الله، عنه. وفيه أن السؤال وقع عن نذر مطلق، ولم يُختلف فيه على عبيد الله. والثاني: طريق موسى بن سلمة، عن ابن عباس. وفيه أن السؤال وقع عن امرأة لم تحج، ولم يُختلف فيه على موسى بن سلمة. والثالث: طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس. وقد اضطرب الرواة في نقله عن سعيد بن جبير، فمنهم من قال: إنَّ السائل امرأة. ومنهم من قال: رجل: ومنهم من قال: إنَّ السؤال وقع عن نذر. ومنهم من فسره بالصوم. ومنهم من فسره بالحج. وقد رجح الإمام ابن عبد البر في التمهيد (٩/ ٢٦ - ٢٧)، وتبعه الحافظ ابن حجر في الفتح (٤/ ٢٣٠) أن للحديث قصتين، وأيد الحافظ ذلك: بأن السائلة في نذر الصوم خثعمية، كما في رواية أبي حريز، والسائلة عن نذر الحج جهنية، كما في رواية أبي عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير. قال: "وقد روى مسلم - من حديث بريدة - أن امرأة سألت عن الحج وعن الصوم معاً. قال: وأما الاختلاف في كون السائل رجلاً أو امرأة، والمسؤل عنه أختاً أو أماً فلا يقدح في موضع الاستدلال من الحديث؛ لأن الغرض منه مشروعية الصوم أو الحج عن الميت، ولا اضطراب في ذلك". اهـ وسيأتي ذكر مناقشة العلماء لهذا الحديث، وسأبين رأيي فيه في مبحث الترجيح، إن شاء الله تعالى. (١) جُهَيْنَةُ - بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الْهَاءِ مُصَغَّرًا - هُمْ: بَنُو جُهَيْنَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ لَيْثِ بْنِ أَسْوَدَ بْنِ أَسْلَمَ بْنِ الْحَافِّ بْنِ قُضَاعَةَ. وَاخْتُلِفَ فِي قُضَاعَةَ، فَالْأَكْثَرُ أَنَّهُمْ مِنْ حِمْيَرَ، فَيَرْجِعُ نَسَبُهُمْ إِلَى قَحْطَانَ. وَقِيلَ: هُمْ مِنْ وَلَدِ مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ. انظر: فتح الباري، لابن حجر (٦/ ٦٢٧ - ٦٢٨). (٢) أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الحج، حديث (١٨٥٢). وفي الباب عَنْ بُرَيْدَةَ - رضي الله عنه -، وقد تقدم.