للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن بعض المؤمنين، وقصة أبي طالب لم يكن الاستغفار فيها إلا من قِبَلِ النبي - صلى الله عليه وسلم -.

٢ - أنَّ هذه الآية وردت في سورة التوبة، وسورة التوبة مدنية، ومن أواخر ما نزل.

٣ - أنَّ الله تعالى لم يُعاتب النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاته على عبد الله بن أبي، وإنما أنزل النهي فقط، ولو كان قد سبق النهي عن الاستغفار لمن مات على الكفر؛ لعاتب الله تعالى نبيه على ذلك.

الإيراد الثالث: إذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم أنَّ استغفاره وعدمه سواء، فما الفائدة إذاً من الاستغفار؟

والجواب: أنَّ استغفاره - صلى الله عليه وسلم - لم يكن من أجل ذات المسُتغفَرِ له، وإنما كان لمصالح أُخر تتعلق بالأحياء؛ كالرأفة بابنه عبد الله الصحابي الجليل، ولتأليفِ قلوب عشيرته، وترغيبِ من كان منهم غيرَ مسلمٍ في الإسلام. (١)

يدل على ذلك: حديث جابر - رضي الله عنه - قال: «لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ أَتَى ابْنُهُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ إِنْ لَمْ تَأْتِهِ لَمْ نَزَلْ نُعَيَّرُ بِهَذَا ... ». (٢)

وعن قتادة قال: «ذُكر لنا أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: وما يغني عنه قميصي من الله، وإني لأرجو أن يُسلم به ألف من قومه». (٣)

قال الخطابي: «وقصده - صلى الله عليه وسلم - يعني في صلاته على عبد الله بن أبي - الشفقة على من تَعَلَّق بطرفٍ من الدين، والتَّألف لابنه عبد الله ولقومه وعشيرته من الخزرج (٤)، وكان رئيساً عليهم ومُعظماً فيهم، فلو ترك الصلاة عليه قبل ورود النهي عنها لكان سُبَّةً على ابنه وعاراً على قومه، فاستعمل - صلى الله عليه وسلم - أحسن الأمرين وأفضلهما في مبلغ الرأي وحق السياسة في الدعاء إلى الدين والتألف عليه إلى أن نُهي عنه فانتهى - صلى الله عليه وسلم -». اهـ (٥)


(١) انظر: التحرير والتنوير، لابن عاشور (١٠/ ٢٧٩).
(٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٣/ ٣٧١). وإسناده صحيح.
(٣) أخرجه ابن جرير في تفسيره (٦/ ٤٤٠).
(٤) في الأصل «الخروج»، والصواب ما أثبته.
(٥) أعلام الحديث، للخطابي (٣/ ١٨٤٩).

<<  <   >  >>