للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= في وصله، وهذا أصح طرق هذا الحديث». اهـ من الكافي الشاف، في تخريج أحاديث الكشاف (٣/ ١٦١).
إلا أن الألباني لم يرتضِ عبارة الحافظ هذه، واستبعد نسبتها إليه فقال: «وفي عبارة الحافظ شيء من التشويش، ولا أدري أذلك منه، أم من النساخ؟ وهو أغلب الظن، وذلك لأن قوله: «وهذا أصح طرق هذا الحديث» إن حملناه على أقرب مذكور، وهو طريق ابن مردويه الموصول كما هو المتبادر، منعنا من ذلك أمور:
الأول: قول الحافظ عقب ذلك: «فهذه مراسيل يقوي بعضها بعضاً» فإن فيه إشارة إلى أن ليس هناك إسناد صحيح موصول يعتمد عليه، وإلا لَعرَّج عليه وجعله أصلاً، وجعل الطريق المرسلة شاهدة ومُقَوية له، ويؤيده الأمر الآتي وهو:
الثاني: وهو أن الحافظ لما رَدَّ على القاضي عياض تضعيفه للحديث من طريق إسناد البزار الموصول بسبب الشك، قال الحافظ: «أما ضعفه فلا ضعف فيه أصلاً (قلت: يعني في رواته)؛ فإن الجميع ثقات، وأما الشك فيه، فقد يجيء تأثيره ولو فرداً غريباً ـ كذا ـ لكن غايته أن يصير مرسلاً، وهو حجة عند عياض وغيره ممن يقبل مرسل الثقة، وهو حجة إذا اعتضد عند من يَرُدّ المرسل، وهو إنما يعتضد بكثرة المتابعات».
قال الألباني: فقد سلَّم الحافظ بأن الحديث مُرْسَلٌ، ولكن ذهب إلى تقويته بكثرة الطرق .... ، فلو كان إسناد ابن مردويه الموصول صحيحاً عند الحافظ، لرد به على القاضي عياض، ولما جعل عمدته في الرد عليه هو كثرة الطرق، وهذا بيّن لا يخفى.
الثالث: أن الحافظ في كتابه فتح الباري لم يُشِرْ أدنى إشارة إلى هذه الطريق فلو كان هو أصح طرق الحديث، لذكره بصريح العبارة، ولجعله عمدته في هذا الباب كما سبق.
الرابع: أن من جاء بعده ـ كالسيوطي وغيره ـ لم يذكروا هذه الرواية.
فكل هذه الأمور تمنعنا من حمل اسم الإشارة (هذا) على أقرب مذكور، وتضطرنا إلى حمله على البعيد، وهو الطريق الذي قبل هذا، وهو طريق سعيد بن جبير المرسل. وهو الذي اعتمده الحافظ في الفتح وجعله أصلاً، وجعل الروايات الأخرى شاهدة له». اهـ كلام الألباني، من نصب المجانيق، ص (١٣ - ١٥).
قلت: يحتمل أن الحافظ ابن حجر لم يقف على رواية عثمان بن الأسود، وقت تعليقه على الحديث في فتح الباري، يقوي هذا الاحتمال أن هذه الرواية لم يُشرْ إليها الحافظ في الفتح أدنى إشارة، ولعله اطلع عليها بعد ذلك فدونها في تخريجه لأحاديث الكشاف، والله تعالى أعلم.
ثم وقفت على طريق أخرى لهذه الرواية؛ أخرجها أبو الليث السمرقندي في تفسيره (٢/ ٤٠٠) قال: حدثنا الخليل بن أحمد قال: حدثنا إبراهيم بن محمد قال: حدثنا جعفر بن محمد [في أصل الكتاب: جعفر بن زيد] الطيالسي قال: حدثنا إبراهيم بن محمد قال: حدثنا أبو عاصم، عن عثمان بن الأسود [في أصل الكتاب: عمار بن الأسود]، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: «قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (٢٠)) =

<<  <   >  >>