للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نفس أجلاً، لا يتقدم ولا يتأخر. (١)

الدليل الثاني: أنَّ الله تعالى أخبر أنه قسم الأرزاق بين عباده فقال: (نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ) [الزخرف: ٣٢]، وقال في الأجل: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (٣٤)) [الأعراف: ٣٤]، ولم يُخبر أنَّ غيرَ الأجلِ والرزقِ بمنزلة الرزق والأجل، وقد أخبر أنه يزيد من يشاء في فضله، ولم يُخبر أنه يزيد من يشاء في رزقه، ويؤخر من يشاء في عمره. (٢)

الدليل الثالث: أنَّ معنى الأثر في اللغة هو ما يتبع الشيء؛ فإذا أُخرَ حَسُنَ أن يُحملَ على الذكر الحسن، ومن هذا المعنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَه"؛ فإنه محمول على الذكر الحسن، ومنه قول الخليل عليه السلام: (وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (٨٤)) [الشعراء: ٨٤]، وقوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ) [يس: ١٢].

وقال أبو تمام (٣):

توفيت الآمال بعد محمد ... وأصبح في شغل عن السفر السفر (٤)

الدليل الرابع: قالوا: ومما يدل على أنَّ المراد بالزيادة الذكر الجميل: أنَّ أكثر الأحاديث التي فيها الزيادة وردت في الصدقة وصلة الرحم، وهما مما يترتب عليهما ثناء الناس، في الحياة وبعد الممات. (٥)

الإيرادات والاعتراضات على هذا المذهب وأدلته:

وقد أجاب أصحاب المذهب الأول - القائلون بجواز الزيادة - على هذه الأدلة وعارضوا بعض التأويلات التي ذكروها فقالوا:


(١) انظر: مشكل الحديث وبيانه، لابن فورك (١/ ٣٠٥ - ٣٠٦)، وتنبيه الأفاضل، للشوكاني، ص (١١ - ١٢).
(٢) انظر: مشكل الحديث وبيانه، لابن فورك (١/ ٣٠٧).
(٣) لم أقف عليه في ديوان أبي تمام، والبيت في كتاب الأغاني، لأبي الفرج الأصفهاني (٢٣/ ١٢٤).
(٤) انظر: فتح الباري، لابن حجر (١٠/ ٤٣٠)، ومرقاة المفاتيح، للملا علي القاري (٩/ ١٤٠).
(٥) انظر: روح المعاني، للآلوسي (٤/ ٣٩٦).

<<  <   >  >>