وقوله:(يغضب) -عائذاً بوجهه من ذلك- وهذه صفة من صفات الفعل وهي الغضب، والله سبحانه وتعالى يغضب ويشتد غضبه وكلتاهما ثابتة في النصوص.
والغضبة الكبرى هي البطشة الكبرى، وهي إقامة القيامة، فإنه إذا لم يبق في الأرض من يقول: الله، يغضب الله على أهل الأرض الغضب الأكبر الذي بسببه تقوم الساعة، ولذلك يقول الأنبياء:(إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله) وذلك حين يتمحض الشرك في الأرض، أما قبل ذلك فلا يأتي الغضب الماحق في الدنيا، وإنما يحل الغضب على قوم أو بلد أو نحو ذلك.
ومظاهر الغضب هي أخذ الله سبحانه وتعالى، وهو أنواع: فمنه: الأخذ الوبيل الماحق مثل ما حصل للأمم السالفة.
ومنه: أخذ دون ذلك، كما في حديث ابن عمر في سنن ابن ماجة والمسند وغيرهما، وفيه:(ما نقص قوم المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وعسف السلطان ونقص المئونة، ولا نقض قوم عهد الله وميثاقه إلا سلط الله عليهم عدواً من سواهم فأخذ بعض ما في أيديهم، ولا منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، وما ظهرت الفاحشة في قوم فأعلنوا بها إلا ظهرت فيهم الأوجاع التي لم تكن فيمن مضوا من أسلافهم، وما لم يحكم أئمتهم بما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم) فهذه من مظاهر الغضب لكنها ليست عامة فلا يأخذ بها الجميع.
وغضب الله سبحانه وتعالى سببه الشرك به ومعصيته، ولهذا فإن الغضب الأكبر وهو غضب القيامة سببه تمحض الشرك به في الأرض.
وهذا الفعل لم يشتق منه اسم، وهو والسخط سواء، فقد أثبت الله السخط لنفسه أيضاً وهو بمعنى الغضب، واختلف فيهما فقيل: الغضب أعم من السخط، والسخط أخص منه، وقالت طائفة: معناهما واحد فهما من المترادف؛ لأنهما يتعاقبان في القرآن بنفس المعنى، ولذلك نسب السخط إلى اليهود والغضب عليهم أيضاً في القرآن، وهذا يقتضي ترادف السخط والغضب.