للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل الكفار يمرون على الصراط؟]

السؤال

ذكرت في أهوال يوم القيامة السور الذي يضرب بين المؤمنين والكافرين، ويرى البعض أن أهل الكفر -أهل الظلمة- يذهب بهم إلى النار ولا مرور لهم على الصراط، وأن قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} [مريم:٧١] خاص بالمؤمنين، فهم الذين يمرون على الصراط بحسب أعمالهم، نريد أن نسمع الترتيب في ذلك والسابق منها واللاحق، والحوض والميزان والظلمة وغير ذلك؟

الجواب

بالنسبة للعبور على الصراط ظاهر الأحاديث أنه يشمل الجميع، فعندما يشفع الرسول صلى الله عليه وسلم في أهل المحشر، فإنه يؤذن لهم جميعاً إلى الصراط، لكن يؤمر آدم بإخراج بعث النار، وهؤلاء قطعاً سيقعون عن الصراط في النار، لكن يبدو أن الصراط يمر به الجميع، وأن أبواب جهنم تحت الصراط: {لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} [الحجر:٤٤] .

لكن لو قيل بأن بعثاً يمكن أن يدخل النار دون المرور بالصراط فلا مانع، مثل ما ورد أن بعض أهل الجنة يدخلون الجنة دون حساب، ولا يمرون بشيء من العقبات، ولا يحسون بالأهوال، وحينئذ يكون عبور أهل الجنة من باب رحمة الله ولطفه: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ} [الأنبياء:١٠١-١٠٢] ويكون تعجيل أهل النار إليها قبل الصراط أو دون أن يمروا عليه، أو أن يكون مرورهم عليه صورياً، يكون ذلك من باب عدل الله سبحانه وتعالى، فهذا هو الذي يستحقونه.

أما الترتيب بين هذه المشاهد أو الأهوال: فأولها الحشر كما ذكرنا من قبل، ثم إذا أُذن للناس وشفع الرسول صلى الله عليه وسلم فيهم، فإن أول ما يمرون به وأول منزلة بعد الحشر: حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم على الراجح؛ لأنه جاء في وصفه أنه لا يظمأ من شرب منه أبداً، ولو كان بعد الصراط لما احتاج الناس إليه؛ لأنهم سيدخلون الجنة، لكن يذاد عنه الذين غيروا وبدلوا، ويذاد عنه أيضاً الذين أعانوا الظلمة، وقد جاء في حديثين ذكر أنواع من يذاد عنه: الحديث الأول: (ألا لا ألفين أقواماً أعرفهم فيذادون دوني كما تذاد غرائب الإبل، فأقول: يا رب أصحابي أصحابي، وفي لفظ: أمتي أمتي فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم لم يزالوا منذ فارقتهم مرتدين على أعقابهم فأقول: فسحقاً فسحقاً فسحقاً) هؤلاء قد غيروا وبدلوا.

والحديث الآخر: عند عبد الرزاق في المصنف وإسناده صحيح، أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إنه سيستعمل عليكم أمراء يظلمون الناس ويؤخرون الصلاة عن أوقاتها، فمن صدقهم في كذبهم أو أعانهم على ظلمهم فلن يرد علي الحوض) فهؤلاء أيضاً يذادون عن الحوض ويطردون عنه.

وكذلك الميزان فإنه سابق على الصراط، فبعد مشهد الحوض، يأتي وزن أعمال العباد، والمقاصة بينهم حتى يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء، وفي ذلك الوقت أيضاً يأتي العرض على الله سبحانه وتعالى وبسط كنفه على عباده المؤمنين، ثم يأتي الحساب بعد الميزان محاكمة على الأعمال، ثم بعد ذلك تأتي هذه الظلمة وكذلك النور الذي ينور الله به المؤمنين، وهو إعلان النتيجة؛ لأنه سيعطى أهل هذا النور كتبهم بأيمانهم، ويعطى أهل الظلمة كتبهم بشمائلهم من وراء ظهورهم، نسأل الله السلامة والعافية.

<<  <  ج: ص:  >  >>