ولله تعالى أسماء بكل اللغات، فليست أسماؤه محصورة في العربية، وقد سبق البحث في الله هل هو من العربية أو لا؟ وقد دعاه كثير من عباده بكثير من الأسماء فاستجيب لهم، وعلى هذا فالأحاديث الواردة في الاسم الأعظم الذي إذا دعي الله به أجاب وإذا سئل به أعطى لا تقتضي انحصار ذلك في اسم واحد، بل قد يكون الاسم الأعظم لدى بني إسرائيل غير الاسم الأعظم في هذه الأمة.
وهذا الاسم لا ينبغي لأحد من هذه الأمة معرفته بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا مانع أن يدعو الإنسان به فيستجاب له، لكن لا يتأكد من أنه هو الاسم الأعظم بخصوصه، ويبدو أن الاسم الأعظم يتفاوت بحسب الأشخاص أيضاً كما يتفاوت بحسب الأمور، فيمكن أن يكون الاسم الأعظم في حق شخص معين هو الاسم الفلاني كذا، وشخص آخر يكون الاسم الأعظم في حقه هو الاسم الفلاني؛ وذلك نظراً لتنوع الأمم.
ولا فرق بين أن يكون الاسم الأعظم لدى اليهود هو الاسم الفلاني، والاسم الأعظم لدى هذه الأمة الاسم الفلاني، وبين وجود ذلك في الأفراد؛ لأن الاسمية لا تنسخ، فكونه اسم تسمى به هذا لا ينسخ، لكن يأتي الوعد عليه، والوعد عليه يختلف باختلاف العبادات مثلما ذكرنا من قبل في النزول، فوقت النزول يختلف باختلاف البلدان، ولكن إثبات النزول لله تعالى هو نزول واحد، مع أن الثلث الأخير من الليل يختلف باختلاف البلدان، فلا مانع أن يكون الاسم الأعظم كذلك.
ومع هذا فقد اشتغل عدد من الناس في البحث في الاسم الأعظم ما هو؟ فقالت طائفة: هو (الله) ، وقالت طائفة أخرى: هو (ذو الجلال والإكرام) ، وقالت طائفة أخرى: هو (القيوم) ، وقالت طائفة أخرى: هو (الحي) ، وكل هذا أصله أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر بعض الآيات بخصوصها فذكر أنه في آيتين:{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}[البقرة:١٦٣] وآية الكرسي: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}[البقرة:٢٥٥] فبعض العلماء بحثوا عما تجمع هاتان الآيتان من الأسماء.
وقد جاء في حديث عائشة أن الاسم الأعظم من الأسماء التي دعت بها، وقد جاء في حديث الأنصاري الذي قال:(اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت ديان السماوات والأرض، قال له: لقد سأل هذا الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أجاب وإذا دعي به أعطى) وهذا يقتضي تنوع الاسم، فالأسماء التي قالتها عائشة غير الأسماء التي دعا بها هذا الأنصاري، فدعاء عائشة:(اللهم إني أدعوك الله وأدعوك الرحمن وأدعوك البر الرحيم) .
وعموماً لا ينبغي للإنسان أن يشتغل وأن يتعب نفسه في البحث عن الاسم الأعظم بخصوصه، بل يسأل الله بأي اسم من أسمائه فإن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه:{وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}[الأعراف:١٨٠] ، ويقول تعالى:{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}[غافر:٦٠] ، ويقول تعالى:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}[البقرة:١٨٦] .
وقد تخبط طوائف من العلماء في البحث عن الاسم الأعظم حتى أدى بهم هذا إلى الخرافة، فبدأت طائفة منهم تبحث في تقطيع الحروف ونحو ذلك، وأهل علم الجدول يرون أن الاسم الأعظم مركب فيعدونه ألفاً (أيقش) وهي الألف التي هي رمز الواحد والياء التي هي رمز عشرة والقاف التي هي رمز مائة والشين التي هي رمز ألف، وبعضهم يعدها بالكتابة بنجمة سليمان وفيه خاتم سليمان، وهو نجم مسدس فيه شعار اليهود، وغير هذا من التخبطات التي لا أصل لها.