[تكليم الله لرسوله صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج نوع من أنواع الوحي]
السؤال
عن تكليم الله سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج؟ ف
الجواب
أن هذا نوع من أنواع الوحي، وقد أوصل العلماء أنواع الوحي إلى اثني عشر نوعاً باختلاف الوارد فيه، فمنها الثلاثة المذكورة في سورة الشورى: فالنوع الأول: هو المذكور في قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً}[الشورى:٥١] ، والمقصود بالوحي رؤيا النوم، معناه: أن يرى ذلك في النوم، ومنامات الأنبياء وحي كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والنوع الثاني: هو المذكور في قوله تعالى: {أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}[الشورى:٥١] ، وهذا مثل تكليمه لموسى، وتكليمه لمحمد صلى الله عليه وسلم من وراء حجاب، فالرسول صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج كلمه الله من وراء حجاب وافترض عليه الصلوات الخمس، وشرفه بغير ذلك من أنواع التكليف، وهذه ميزة للنبي صلى الله عليه وسلم وتفضل عليه، فموسى كلم في الأرض بسيناء، والرسول صلى الله عليه وسلم كلم فوق سبع سماوات، وكلاهما كليم الله.
النوع الثالث: هو المذكور في قوله: {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ}[الشورى:٥١] ، وفي القراءة الأخرى:(أَوْ يُرْسِلُ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) ، ومعنى ذلك في قراءة الرفع: أن هذا نوع مستقل، فالنوعان السابقان بينهما ما يجمعهما، وهذا النوع مستقل؛ لأنه بواسطة الملك، وأما قراءة النصب فتجعل هذا نوعاً آخر من حيث أن أنواعه كلها مترابطة.
والفرق هنا بين الرفع والنصب دقيق: فقراءة الرفع: (أَوْ يُرْسِلُ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ) المقصود بها: أن الوحي سيكون على نوعين فقط: النوع الأول بالمباشرة والنوع الثاني بالواسطة -أي: بواسطة الملك- وإذا نصبت فقلت:(أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ) فالمقصود بذلك حصر بالأنواع المختلفة وترابطها جميعاً، وغير هذا من الأنواع مثلما جاء في حديث الحارث بن هشام وغيره.
فإذاً: أنواع الوحي متعددة، وصوره وطرائقه مختلفة، وجبريل إذا جاء النبي صلى الله عليه وسلم عرفه بأي صورة كان، ولم يلتبس عليه إلا مرة واحدة حين سأله عن الدين ولم يعرفه فيها حتى انطلق وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم، بأنه لم يعرفه، وقال:(ردوا علي الأعرابي) وفي رواية: (ردوا علي الرسول، فطلبوه ولم يجدوا شيئاً، فقال: إنه لجبريل، وإنه لم يأتني قط بصورة إلا عرفته إلا ما كان من هذه المرة) .