[إثبات الأسماء والصفات لابد أن يكون على طريقة السلف الصالح]
قال:[فأثبتوا من نصه ما السلفُ أثبت وانفوا ما نفى ثم قفوا] ما يتعلق بالأسماء والصفات يثبت فيه ما جاء عن السلف الصالح من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتباعهم وأتباع أتباعهم من المرضيين الذين شهد لهم الناس بالخيرية وسلوك طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيثبت من ذلك ما أثبتوه وينفى منه ما نفوه، ويوقف بعد ذلك على هذا الحد فلا يزاد عليه ولا ينقص منه، وهذا يقتضي التوقيف في الصفات وفي الأسماء، وهو قول لكثير من أهل العلم، لذلك قال: فأثبتوا من نصه ما السلف أثبت وانفوا ما نفى ثم قفوا والسلف فَعَلْ بمعنى مفعول، مثل لَقَطْ ونَقَص وقَنَص، فالقَنَص معناه: المقنوص كما قال الشاعر: يا شاة ما قنص لمن حلت له حرمت علي وليتها لم تحرم (شاة ما قنص) معناه: يا شاة قنص.
والسلف: المقصود به ما سلف، وأصل ذلك أن الناس قديماً كانوا إذا ارتحلوا من مكان قدموا المترفين منهم فيركبون أحسن المراكب ويخرجون أمامهم، ويكون من وراءهم تبعاً لهم، فمنهم من يمشي ومنهم من ينتظر رجوع الدواب والمواشي، فالمتقدمون يسمون سلفاً كأنهم أسلفوهم أي: قدموا إليهم قرضاً ليؤخذ منهم فيما بعد، والعصور السابقة من هذه الأمة هي سلف لمن يأتي بعدها.
والمقصود بالسلف الصالح إذا أطلق: الذين زكاهم رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم، وتزكيته لهم نوعان: تزكية مشروطة، وتزكية مطلقة؛ فالتزكية المشروطة: هي التي في قوله: (يغزو فئام من الناس فيقال: هل فيكم من رأى محمداً؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم يغزو فئام من الناس فيقال: هل فيكم من رأى من رأى محمداً فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم يغزو فئام من الناس فيقال: هل فيكم من رأى من رأى من رأى محمداً فيقولون: نعم فيفتح لهم) ، وهذه مشروطة بالرؤية، فمن عاش في ذلك الوقت ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم، أو عاش في عصر التابعين ولم يرى صحابياً، أو عاش في عصر أتباع التابعين ولم يرى تابعياً -وهذا كثيراً ما يحصل- لا يعتبر به، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم.