[ذكر الشاهد على إضافة ذات إلى (الإله) من شعر خبيب]
(كمثل ما قال خبيب إذ صلب) أي: خبيب بن عدي أخو بني جحجبى وهو رجل من الأنصار رضي الله عنه، خرج في بعث الرجيع الذي أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ليأتي بأخبار مكة، وأمر عليه عاصم بن ثابت بن أبي الأفلح، وكانوا ثمانية فغدر بهم بنو لحيان وبنو عصية، فقتل عاصم بن ثابت فحماه الله بالدبر، أي: بالنحل، وذلك أن امرأة من قريش قتل عاصم ثلاثة من أولادها يوم أحد، وهي زوجة أبي طلحة بن عثمان بن عبد الدار، فنذرت أن تشرب الخمر في رأسه، وجعلت لمن أتاها برأسه مائة ناقة، فأراد بنو لحيان أن يأتوها برأس عاصم فحماه الله بالدبر، فجاء النحل فحال بينهم وبينه حتى جاء الليل، فجاء سيل فحمل جثته، وقتلوا عدداً منهم وأخذوا رجلين وهما: زيد بن الدثنة وخبيب بن عدي فباعوهما بمكة، فاشترتهما قريش وكان ذلك في الشهر الحرام، فأمسكوهما حتى خرجت الأشهر الحرم، فأخرجوهما خارج الحرم وقتلوهما.
وقصة قتل خبيب: أنهم حين أرادوا أن يصلبوه سأله أبو سفيان: هل تحب أن تكون الآن بين أهلك وذويك وأن محمداً مكانك نقتله؟ فغضب خبيب وقال:(والله ما أحب أن محمداً صلى الله عليه وسلم في المكان الذي هو فيه يشاك بشوكة، وأنني نجوت من بين أيديكم) ، وقد شاهدوا منه أشياء عجيبة كانت سبباً لإسلام بعضهم فيما بعد، فقد كان سجيناً عندهم وكانت تأتيه أرزاق ليست في مكة، فقد أتوه ذات يوم فوجدوا بين يديه طبقاً من العنب وليس ذلك في وقت وجود العنب أصلاً، ورأوا منه أخلاقاً كريمة، فقد خرجت أم خالد بنت الحارث تطلب ولداً لها فوجدته قد أجلسه في حجره وبيده سكين فخشيت أن يذبح الولد، فقال: معاذ الله أن أفعل هذا وأنا في حرم الله، وهذا ابن صغير ما له ذنب أقتله به، فرأوا أخلاقاً عالية فأسلم عدد منهم بعد ذلك، وكانوا يحدثون بهذا ويقولون: ما رأينا أكرم من خبيب بن عدي، وحين صلبوه أنشد أبياته المشهورة التي يقول فيها: ولست أبالي حين أقتل مسلماً على أي جنب كان في الله مصرعي وذلك في ذات الإله فإن يشأ يبارك على أوصال شلوٍ ممزع فقوله هنا: (وذلك في ذات الإله) هو محل الاستشهاد من قصة خبيب، حيث قال:(في ذات الإله) ولم يقل: في ذات الله، فنسب لفظة ذات إلى الإله؛ لأنه ليس ضميراً ولا علماً.