هذا السؤال عن قول الله تعالى:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ}[المائدة:٦٤] هل حصر بسط اليد بالإنفاق فقط؟
الجواب
الآية فيها أنه سبحانه وتعالى:(يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ) أي: مبسوطتان بالعطاء؛ لأن هذا رد على اليهود الذين قالوا:{يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ}[المائدة:٦٤] وقالوا: لا يعطي الناس ما يكفيهم، وهذا بناءً على قولهم بفقره نسأل الله السلامة والعافية:{لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ}[آل عمران:١٨١] ولذلك فشبهة اليهود هي التي أخذ بها المشركون والمنافقون؛ لأن اليهود يقولون:(إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ) ؛ ولذلك أمر عباده بالإنفاق، ويقولون: لا يعطي عباده ما يكفيهم؛ ولذلك أمر بالإنفاق عليهم والصدقة! والله سبحانه وتعالى رد عليهم فقال:(بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ) .
وهذه الشبهة هي التي أخذ بها المشركون فيما حكى الله تعالى عنهم في قوله في سورة يس:{وإِذَا قِيْلَ لَهُمْ أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ}[يس:٤٧] وهي الشبهة التي أخذ بها المنافقون فقالوا: {لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا}[المنافقون:٧] .
فالله سبحانه وتعالى رد هذا، وأخبر أنه ينفق فيعطي ما شاء بحكمة بالغة:{وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ}[الشورى:٢٧] وقد ضل بهذه بعض القدرية، فيقول أحدهم: كم عالم عالم أعيت مذاهبه وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا هذا الذي جعل الأوهام حائرة وصير العالم النحرير زنديقا والجواب: أنهم لم يؤمنوا بالقدر ولم يسلموا له؛ ولذلك دخلت عليهم الزندقة.