للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عد أسماء الله الحسنى وإحصاؤها]

وعموماً فإن أسماء الله سبحانه وتعالى جاءت النصوص بما يدل على كثرتها، ولم يرد لها حصر بعدد محدد، وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً، من أحصاها دخل الجنة) .

وقد اختلف العلماء في معنى قوله: (من أحصاها) : فقالت طائفة: من عرف أعدادها بذواتها.

وهذا مشكل؛ لأن معناه التعبد بشيء مجهول؛ لأنه لم يرد بيانها في هذا اللفظ، لكن يجاب عن هذا بأن المقصود بها حينئذٍ ما ورد في حديث مداره على الوليد بن مسلم من رواية أبي هريرة وهو عند الترمذي وابن حبان والحاكم وابن خزيمة ولفظه: (الله الذي لا إله إلا هو الرحمن، الرحيم، الملك، القدس، السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، الخالق، البارئ، المصور، الغفار، القهار، الوهاب، الرزاق، الفتاح، العليم، القابض، الباسط، الخافض، الرافع، المعز، المذل، السميع، البصير، الحكم، العدل، اللطيف، الخبير، الحليم، العظيم، الغفور، الشكور، العلي، الكبير، الحفيظ، المقيت -وفي رواية المغيث- الحسيب، الجليل، الكريم، القريب -وفي رواية الرقيب- المجيب، الواسع، الحكيم، الودود، المجيد، الباعث، الشهيد، الحق، المتين -وفي رواية المبين- الولي، الحميد، المحصي، المبدئ، المعيد، المحيي، المميت، الحي، القيوم، الواجد، الماجد، الواحد، الأحد، الصمد، القادر، المقتدر، المقدم، المؤخر، الأول، الآخر، الظاهر، الباطن، الوالي، المتعالي، البر، التواب، المنتقم، العفوّ، الرءوف، مالك الملك، ذو الجلال والإكرام، المقسط، الجامع، الغني، المغني، المانع، الضار، النافع، النور، الهادي، البديع، الباقي، الوارث، الرشيد، الصبور) وفي رواية بدل هذه بإثبات الوكيل والحنان المنان، وإثبات الحنان المنان جاء في صحيح ابن حبان، وإن كان مالك قد كره الدعاء بقول: يا حنان يا منان، لأنه لم يصح عنده هذا الحديث، وهو في صحيح ابن حبان كما ذكرنا.

والذين يطعنون في اتصال هذا الحديث يزعمون أنه موقوف على أبي هريرة، أو يزعمون أن الوليد بن مسلم قد يكون دلس فيه، ويجاب قولهم: بالنسبة للوليد بن مسلم المعروف بتدليس التسوية بأنه صرح بالسماع هنا، وأيضاً فإن أبا هريرة حتى لو كان موقوفاً عليه فإن هذا مما لا يعرف بالرأي، وبالأخص أنه أدرجه مع الحديث.

فإذاً: لابد أن يكون لهذا العد للأسماء أصل على اختلاف رواياته، مع أن الوارد في حديث أبي هريرة لو جمعناه لزاد على المائة اسم باختلاف الروايات؛ لأن فيه المتين والمبين، وفيه المغيث والمقيت، وفيه الرقيب والقريب، وفيه البر والوكيل بدلهما الحنان المنان، فعلى هذا فإن معنى الحديث من أحصاها أي: من حفظها وعدها.

وقالت طائفة أخرى من أهل العلم: معنى (من أحصاها) من آمن بها على الإجمال، لكن هذا القول بعيد من الناحية اللغوية؛ لأن لفظ الإحصاء معناه: العد.

<<  <  ج: ص:  >  >>