الكلام على مقولة: المعطل يعبد عدماً والمشبه يعبد جسماً
السؤال
ما حجة المقولة: المعطل يعبد عدماً، والمشبه يعبد جسماً، وما صحة القول بأن المعطل أخف ضرراً من المشبه؟
الجواب
بالنسبة لكون المعطل يعبد عدماً، فالمقصود به أنه شبهه بالمعدومات، فالمعطل والمجسم كلاهما مشبه؛ لأن المعطل شبهه بعدم، حيث نفى عنه الصفات كلها كالمعتزلة الذين ينفون عنه كل الصفات، فجعلوه كالعدم المحض؛ لأنه لا يمكن أن يكون موجود غير متصف بصفة، لا يمكن أن يتصور عقلاً أن الشيء موجود وهو غير متصف بأية صفة، فالمعتزلة إنما نفوا الصفات فراراً من تعدد القديم، لذلك قال المختار ابن منى رحمه الله: ومن تعدد القديم المعتزلْ فر إلى نفي المعاني إذ جهلْ فعندما تصوروا أن القديم لا يمكن أن يكون متعدداً نفوا الصفات؛ لأنهم يرونها شيئاً زائداًَ عن الذات.
والمشبه يعبد جسماً؛ لأنه شبهه بالمخلوق، والجسم هنا من الألفاظ التي لم ترد بالإثبات ولا بالنفي، لكن ما دامت كذلك فهي من المنفيات؛ لأنه لا يحل إطلاق شيء على الله سبحانه وتعالى مما لم يطلقه على نفسه ولم يطلقه عليه رسوله الله صلى الله عليه وسلم؛ لقصور العقل عن بلوغ ذلك.
وأما القول بأن المعطل أخف ضرراً من المشبه فذلك أن المعطل بالغ في التنزيه، وأما المشبه فإنه وصل إلى النقص، حيث لا يزال الشيطان يوقعه حتى يصل به إلى ما وصل إليه كثير من المشبهة في زمان السلف، فقد كان بعضهم نسأل الله السلامة والعافية يثبت حتى أعضاء البدن لله سبحانه وتعالى، ويشبه ذلك بنفسه نعوذ بالله.