للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حشر المؤمنين إلى الشام لقتال اليهود قبل قيام الساعة]

السؤال

أين يكون الناس قبل حشرهم إلى أرض الشام؟

الجواب

الناس في الأرض: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا} [الملك:١٥] , لكن أول من يحشر إلى أرض الشام هم اليهود، كما قال تعالى: ((وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأَرْضَ)) أي تفرقوا في الأرض {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً} [الإسراء:١٠٤] يحشرهم الله إلى الشام, وأول ذلك: طرد النبي صلى الله عليه وسلم لبني قينقاع من المدينة؛ ولذلك قال الله فيه: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ} [الحشر:٢] هذا أول حشر إلى الشام.

وأما حشر المؤمنين إليه فقد جاء فيه: (يوشك أن يكون خير مهاجرهم مهاجر أبيهم إبراهيم) فيهاجرون إلى الشام لقتال اليهود, وهذا المقصود به خيرتهم، وإلا فلا يمكن أن يتسع الشام لكلهم؛ لأن الشام هو الذي ينزل فيه عيسى بن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، فيجتمع إليه أنصاره من المؤمنين الذين هم خيرة أهل الأرض يومئذٍ ويكونون في الشام، وقد جاء قبل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم) وهذا الحديث أخرجه الترمذي في السنن وإسناده حسن.

وكذلك جاء في الشام عدد كبير من الأحاديث، جمعها الحافظ ابن عساكر فأوصلها إلى قرابة ألف حديث في فضائل الشام وحشر الناس إليه وغير ذلك, وبه فسر كثير من أهل العلم قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك، وهم أهل الغرب) وقال صلى الله عليه وسلم: (هم أهل الشام) وإن كان الشام ليس في غرب المدينة، لكن يطلق عليه ذلك؛ لأن غرب المدينة البحر, والبحر من سار بساحله يوصله ذلك إلى الشام.

وقال آخرون: هو اتجاه المغرب، كما جنح إليه شيخ الإسلام ابن تيمية وقال: كل الفتن والمصائب والبدع جاءت من المشرق، وأما المغرب فلم يأت منهم إلا خير، فجاء منه العلم والحفاظ في كثير من العصور, وهذه القاعدة يمكن أن تنقض بالعبيديين فقد ظهروا في البداية في المغرب في المهدية في تونس، ثم رحلوا إلى المشرق, لكن يجاب على هذا: بأن التشيع كله في الأصل من المشرق, فـ عبيد الله بن إسماعيل جاء أيضاً من المشرق, فأنشأ ذلك بالمغرب.

وقال أحد علمائنا في شرحه لصحيح مسلم عندما بلغ هذا الحديث: الغرب في اللغة له ثلاثة معان: يطلق على الدلو العظيمة, يقول: لا أعرف بلداً من بلاد الله أكبر دلاء منا.

ويطلق على مغرب الشمس، يقول: ونحن آخر المسلمين إلى جهة المغرب.

ويطلق على القوة والشوكة، يقول: نحن أهلها، ولم يجاهد قوم دون إمام فينصروا ويغنموا غيرنا, وهذه دعوى، لكن المهم أنها مبشرات.

وحشر المؤمنين إلى الشام لقتال اليهود جاء فيه الحديث الذي في الصحيحين: (لتقاتلن اليهود حتى تقاتل بقيتكم الدجال) , وفيه: (أنه حتى يقول الحجر والمدر: يا عبد الله! هذا يهودي خبيث تعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود) وجاء في مسند البزار وغيره من حديث نهيك السكوني رضي الله عنه: أنه ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبة من خطبه: (لتقاتلن الدجال أو لتقاتلن بقيتكم الدجال , أنتم شرقي نهر الأردن وهم يومئذٍ غربيه) ، قال: ولا أدري ما الأردن يومئذٍ, والحديث في إسناده مجهول، لكن مع ذلك تشهد له الأحاديث السابقة الصحيحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>