يقول الله عز وجل في القرآن الكريم:{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ}[آل عمران:١٤٢] ، ويقول سبحانه:{فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا * لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ}[الجن:٢٦-٢٨] ، ونحو ذلك.
والمقصود بذلك: ظهور ذلك وخروجه من عالم الغيب إلى عالم الشهادة، وليس المقصود تجدد العلم.
فالعلم هنا يطلق على إطلاقين: يطلق على علم الله به، وهذا يستوي فيه عالم الغيب والشهادة.
ويطلق على علم المخلوقات به، وهذا يختص بعالم الشهادة فقط.
فما دام الشيء في عالم الغيب فإن الله يعلمه ولا تعلمه المخلوقات، لكن إذا ظهر إلى عالم الشهادة علمه من أراد الله له أن يعلمه من المخلوقات، وقد قرئ في القراءات الشاذة:{لِيُعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ}[الجن:٢٨] ، فإذا قرأت:((لِيُعْلَمَ)) [الجن:٢٨] ، فما معنى الآية؟ قال تعالى:{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ}[الجن:٢٦-٢٧] ، أي: بالإرهاصات التي تسبق بعثته، {وَمِنْ خَلْفِهِ}[الجن:٢٧] ، أي: بالمعجزات التي يشهدها، {رَصَدًا}[الجن:٢٧] ، {لِيُعْلَمَ}[الجن:٢٨] ، معناه: ليعلم الناس {أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا}[الجن:٢٨] ، أي: أن قد أبلغ الرسل رسالات ربهم.
وعلى هذا فالمعجزات ربما يعلم فيها النبي بعض الغيب ويخبر به، لكن عن طريق الوحي، فيكون ذلك معجزة، فقوله:{لِيُعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ}[الجن:٢٨] ، أي: ليعلم الناس أنهم لم يأتوا بهذا من تلقاء أنفسهم، وإنما أخبروا عن ربهم؛ لأنه قد قامت المعجزة حجة على ذلك.