قال ابن عبد البر في "التمهيد": وقد ذمه جماعة من أهل الحديث لاعترافه في الرأى ورووا في ذلك أخبارًا قد ذكرتها في غير هذا الموضع، قال: وكان سفيان بن عيينة والشافعى وأحمد بن حنبل لا يرضون عن رأيه لأن كثيرًا منه يوجد له بخلاف المسند الصحيح، لأنه لم يتسع فيه. وروى ابن عبد البر في كتاب "جامع بيان العلم" بإسناده إلى مالك قال: قال لي ابن هرمز: لا تمسك على شيء مما سمعت مني من هذا الرأي، فإنما افتجرته أنا وربيعة، فلا تتمسك به. وروى ابن عبد البر أيضًا فيه عن موسى بن هارون قال: الذين ابتدعوا الرأي ثلاثة وكلهم من أبناء سبابا الأمم وهم: ربيعة بالمدينة، وعثمان البتي بالبصرة، وفلان بالكوفة. قال ابن عبد البر: وذكر العقيلي في "التاريخ الكبير" بإسناده إلى الليث قال: رأيت ربيعة في المنام فقلت له: ما حالك؟ فقال: صرت إلى خير إلا أنى لم أحمد على كثير مما خرج مني من الرأي انتهى.
فهذا كما تراه إنما تكلم فيه من قبل الرأي لا من اختلاطه، فإنى لم أر أحدًا ذكره غير ابن الصلاح، على أن غير واحد قد برأوه من الرأي فروينا عن عبد العزيز بن أبي سلمة قال: يا أهل العراق تقولون ربيعة الرأي، والله ما رأيت أحدًا أحفظ لسنة منه. وذكر ابن عبد البر في "التمهيد" قال: كان عبد العزيز بن أبى سلمة يجلس إلى ربيعة، فلما حضرت ربيعة الوفاة قال له عبد العزيز: يا أبا عثمان إنا قد تعلمنا منك وربما جاءنا من يستفتينا في الشيء لم نسمع فيه شيئًا فنرى أن رأينا له خير من رأيه لنفسه فنفتيه، فقال ربيعة: أجلسوني، فجلس ثم قال: ويحك يا عبد العزيز لأن تمت