«اشتغالك بما ضمن لك دليل على انطماس البصيرة منك» ، ومعلوم لدى كلّ أحد أنّ الأنبياء والمرسلين ـ صلوات الله عليهم ـ وغيرهم من صالحي هذه الأمّة أنّهم كانوا يطلبون من الله ـ تعالى ـ ويسألونه حوائجهم، ويطلبون المعيشة والكسب والعمل؛ فهل يقول مسلم: إنّ هؤلاء اتهموا الله ـ تعالى ـ بطلبهم منه حوائجهم، وانطمست بصائرهم بالاشتغال في أمر معيشتهم؟!
فيا لله العجب! هؤلاء يُعَدُّون من الأولياء، ويُؤوّل كلامهم هذا، وشيخ الإسلام لا يُعذر في كلامه! لو فرضنا أنّه أخطأ في مسألة من المسائل، والحال قد شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بأنّه مأجور؛ حيث يقول:«إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر، وإن اجتهد وأصاب فله أجران» . ومعلوم ـ عند المخالف والموافق ـ أنّ هذا الإمام ما تكلّم في مسألة ما إلا بالدليل الشّرعيّ؛ فلا ملامة عليه إن أخطأ؛ لأنّه من أهل الاجتهاد، ولكن كما قال الشاعر:
الرّضا عن كلّ عيب كليلة ... كما أنّ عين السّخط تُبدي المساويا
وكما قال الآخر:
إذا كان المحبّ قليل حظّ ... فما حسناته إلا ذنوب
فيجب على كلّ أحد ألَّا ينتصر لأحد غير الله ورسوله بمجرّد اتباع الهوى والعصبيّة الجنسيّة أو المذهبيّة، ويكون قيامه بنصر الحقّ بالحقّ حتى يكون محبوبًا لله ورسوله وللمؤمنين؛ فنسأله ـ تعالى ـ أن يتضمنا في سلك عباده المتّقين.