فإن قلتَ: قد أطلتَ الكلام في التشنيع على المتكلمين والمقلدين والمتصوفة؛ فهل كا ما أودعوه بكتبهم ضلال وخطأ؟
فالجواب: لا أقول ذلك؛ ولكن أقول في المقلدين والمتكلمين: قد اشتملت كتبهم على ما هو حق مقبول، وما هو باطل مردود، وليس كل المتصوفة والمقلدين والمتكلمين بالوصف الذي ذكرناه عنهم؛ بل فيهم رجال عالمون بالكتاب والسنَّة قائمون بهما، ورَادُّون على مخالفهما، ولكن نحن ما عنينا بردِّنا هذا إلا الذين وصفنا حالهم. والله الهادي.
فإن قال قائلٌ: أنا كيف أعرف ما هو الحق في هذه الكتب فأتبعه، وما الباطل فأجتنبه وأطرحه؟!
فالجواب: معرفة هذا سهل على من أراد الله ـ تعالى ـ هدايته، ومعرفة ذلك أيسر من معرفة أي مذهب من أهل المذاهب الذي تستفرغ فيه جميع عمرك!
وإن قال قائلٌ: أي طريقة تختارها لي من هذه الطرق التي ذكرتَها؟
فأقول: عليك بطريقة المُحَدِّثين؛ حَمَلَتْ علم الرسول في التوحيد وغيره من الأصول والفروع والتصوف؛ فإنهم ـ والله ـ أعلم بكتاب الله وسنة نبيه من غيرهم بأضعاف مضاعفة، وهم أتقى الناس لربهم وأخوفهم منه من غيرهم، وقد حفظهم الله ـ تعالى ـ من التفرق والتحزب والتشيع الذي وقع لغيرهم، ولله در من قال:
ألم ترَ اختلاف أهل النظرِ ... وحُسْن ما نحاه أهلُ الأثرِ
فإنهم قد اقتدوا بالمصطفى ... نبيهم فاقنع بهذا وكفى
إذا تبين لك أيها المسترشد حالهم؛ فعليك أن تتيع وتسلك طريقتهم، وتشد عليها يديك، وتعض عليها بالنواجذ. وإياك والآراء لا تلعب بك الرجال، ولا يُمِيلُكَ الهوى عن سبيلهم فتهلك مع الهالكين!
وإن قال قائل: أي كتاب من كتب التفسير والتوحيد والحديث والتصوف أعتمد عليه في معرفة الحق؛ فإن الكتب في هذه الفنون