الآخر:«المؤمن كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى» ـ أو كما قال ـ.
وما ذكره السّبكيّ من استغاثة النّاس به صلى الله عليه وسلم يوم القيامة؛ فهو من هذا الباب؛ فلا يدلّ على مقصوده، وإن أراد به شيئًا آخر غير ما ذكرناه؛ فالله أعلم بما أراد.
ثم ذكر بعد ذلك فصلًا في تفسير (المقام المحمود) ، ولكن لم يستوفِ الكلام فيه؛ فإنّ الذي تركه هو أعظم وأقرّ لعين نبيّنا صلى الله عليه وسلم ممّا ذكره؛ وهو أنّ الله ـ سبحانه وتعالى ـ يجلس معه نبيّه محمّدًا صلى الله عليه وسلم على العرش يوم القيامة؛ كما جاء ذلك عن غير واحد من الصّحابة والتّابعين.
ومثله لا يُقال من قبل الرّأي؛ بل لا بُدّ فيه من التّوقيف. فممّن روى ذلك مجاهد وغيره، وناهيك به؛ كما قال الشّافعي والبخاريّ ـ رضي الله عنهما ـ:«إذا جاءك التّفسير عن مجاهد فحسبك» .
ولكن لمّا لم يوافق هذا أهواءهم وآراءهم؛ عدلوا عنه؛ زاعمين أن هذا يفضي إلى القول بالتّجسيم، كما تركوا غيره من نصوص الصّفات، وأخذوا يشنّعون على شيخ الإسلام ـ حيث ذكر هذا في كتاب «العرش» له ـ.
وأنا اطّلعتُ على كتاب «العرش» هذا؛ فلم أجد فيه هذا الكلام، ولو ذكره؛ فأيّ لوم يلحقه على ذلك.
وقد ذكره كثير من المفسّرين عند قوله ـ تعالى ـ:{عسى أن يبعثك ربّك مقامًا محمودًا} ؛