وقد اشتبه على كثير من النّاس ـ حتى المنتسبين إلى العلم ـ معنى (الاستغاثة) و (الاستغانة) و (الاستجارة) و (التّوسّل) ؛ فنرى بعضهم يأتي بالألفاظ المتضمّنة للشّرك الظّاهر والغلوّ الزّائد ويقول: أنا متوسّل!
ويقول [أحد مَن تسلّط الشّيطان] عليهم في حقّ الرّسول صلى الله عليه وسلم:
ولا استلمتُ غنى الدّارين من يدهِ ... إلَّا استلمتُ النَّدى من خيرِ مُستلِمِ
وقد عظّم بعض الجهّال ـ ممّن شرح هذه القصيدة ـ هذين البيتين، وجعل لهما خصائص وفوائد! فنعوذ بالله من الضّلال بعد الهدى.
ومثل قول بعضهم في حقّ الرّسول صلى الله عليه وسلم أيضًا:
فمَن لي أرتجيهِ لكشف ضُرّي ... وغوثي في الشّدائِدِ والنّوالِ
فانظر إلى هذا المتغالي في شعره، النّاسي لربّه؛ كيف لم يجعل له إلهًا يرتجيه لكشف الضُّرّ والشّدائد إلَّا الرّسول صلى الله عليه وسلم!
وأمثال ذلك كثير معلوم لمن تتبّع شعر القبوريّين؛ وقد احتوت مجموعة النّبهانيّ ـ التي طبعها في بيروت ـ على أكثره!
وقد عرفت الفرق بين (التّوسّل) و (الاستغاثة) بما مرّ، ومَن جعل (التّوسّل) و (الاستغاثة) و (التّشفّع) و (التّوجّه) كلّ ذلك بمعنى واحد؛ فهو من أجهل الجاهلين بلغة القرآن والسُّنّة، بعيد عن لسان العرب.
وللإمام الفاضل المفسّر المحدّث ذي النّسبين السّيد محمود شكري الآلوسيّ في