إنّ عند كلّ قبر من قبور الصّالحين ملَك وُكّل بهذا القبر يقضي حوائح السّائلين من صاحب القبور! ـ انظر:«حاشية الباجوري على جوهرة اللقانيّ» ـ. وغير ذلك مما يطول ذكره ويُعْيين حصره؛ فإلى الله المشتكى والمفزع مما ألصقه هؤلاء بالدّين، وشوّهوا به وجه المسلمين، حتى ضاهوا بفعلهم هذا فعل المشركين من قبل، {قاتلهم الله أنّى يؤفَكون} .
وقد فهم كثير من النّاس أنّ إنكار هذا المنكر وردّ هذا الشّرك خاصّ بشيخ الإسلام ابن تيميّة وتلميذه ابن القيّم؛ كلَّا بل ردّه كثير من أهل المذاهب؛ وإليك ما قاله الإمام البركويّ الحنفيّ ـ صاحب «الطّريقة المحمّديّة» ـ في رسالته في زيارة القبور؛ قال ـ رحمه الله تعالى ـ: «وأمّا الزّيارة الشّرعيّة التي أَذِنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها؛ فالمقصود منها شيئان: أحدهما: راجع إلى الزّائر؛ وهي: الاعتبار والاتّعاظ، والثاني: راجع إلى الميّت؛ وهو: أن يُسَلِّم عليه الزّائر، ويدعو له، ولا يطول عهده به؛ فيهجره وينساه، كما أنّه إذا ترك أحدًا من الأحياء تناسه، وإذا زاره فرح بزيارته وسُرَّ بذلك؛ فالميّت أولى به؛ لأنّه قد صار في دار هجر أهلها إخوانهم ومعارفهم؛ فإذا زاره أحد وأهدى إليه هبة من سلام ودعاء؛ ازداد بذلك سروره وفرحه.
وأمّا الزّيارة البدعيّة: فزيارة القبور لأجل الصّلاة عندها، والطّواف بها، وتقبيلها واستلامها، وتعفير الخدود عليها وأخذ تُرابها، ودعاء أصحابها، والاستعانة بهم، وسؤالهم النّصر والرّزق والعافية والولد وقضاء الدّيون، وتفريج الكُربات، وإغاثة اللهفات، وغير ذلك من الحاجات التي كان عُبَّاد الأوثان يسألونها من أوثانهم؛ فليس شيء من ذلك مشروعًا باتّفاق أئمّة المسلمين؛ إذ لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من الصّحابة والتّابعين وسائر أئمّة الدّين؛ بل أصل هذه الزّيارة البدعيّة الشّركيّة مأخوذة من عبادة الأصنام؛ فإنّهم قالوا: