قال الشّيخ عبد اللطيف في «منهاج التّأسيس والتّقديس» الذي رَدّ به على داود بن جرجيس العراقيّ، عند إيراده لكلام السّبكيّ هذا، وكلام السّمهوديّ في «تاريخ المدينة» ـ المسمّى «خلاصة الوفا» ـ، وكلام القسطلاني في «المواهب» ، وكلام ابن حجر في «الجوهر المنظم» ؛ في باب جواز الاستغاثة بغير الله ـ كالأنبياء والصّالحين ـ، وأنّها بمعنى التّوسّل، وبمعنى أنّهم وسائل ووسائط وأسباب، لا أنّهم فاعلون على الحقيقة؛ قال ما نصّه: «فأقول ـ وبالله الاستعانة، ومنه أستمدّ المدد والهداية ـ: أمّا ما في كلام العراقيّ من فساد التّركيب وبشاعة التّعبير؛ فلسنا بصدده، والكلام عليه يطول؛ والغرض: إبطال الدّعوى ومعارضتها ونقضها، والكشف عن حالها وحال أئمّته السّابقين إليها من الأُمم المعارضين للرّسل بآرائهم وأهوائهم الضّالّة الفاسدة. والجواب عن هذه الشّبه من وجوه:
الأوّل: أنّ الله ـ سبحانه ـ إنّما خلق خلقه لعبادته؛ الجامعة لمعرفته ومحبّته والخضوع له وتعظيمه وخوفه ورجائه والتّوكّل عليه والإنابة إليه والتّضرّع بين يديه، وهذه زبدة الرّسالة الإلهيّة وحاصل الدّعوة النّبويّة، وهو الحقّ الذي خُلقت له السّماوات والأرض