ذلك؟! وقد رَكِبَ الصّعب من تأويل الآية القرآنية بتأويل لم يسبقه به أحد، وإيراد الأحاديث الضّعيفة والموضوعة ـ وقد مرّ بيان ذلك ـ.
وقوله:«إنّ ابن تيميّة حكم عليها بالضّعف والوضع» ؛ فهذا قول ساقط؛ لأنّ شيخ الإسلام لم يحكم على هذه الأحاديث الواردة في الزّيارة بالضّعف والوضع من عند نفسه؛ بل ذكر أقوال العلماء أهل الجرح والتعديل في حال رجال إسنادها، وإذا رجعتَ إلى كتاب «الصّارم المنكي» للحافظ ابن عبد الهادي وإلى ما ذكرناه؛ علمتَ سقوط ما اعترض به السّبكيّ على شيخ الإسلام.
وأمّا قوله:«ومن المعلوم من الدّين وسير السّلف الصّالحين التبرّك ببعض الموتى من المسلمين؛ فكيف بالأنبياء والمرسلين ... » إلى آخره:
أقول: هذه دعوى ما عليها أثارة من علم؛ بل هي أصل ضلال المُضلّين وشرك المشركين، ويقال له: أوجد لنا دليلًا من الكتاب العزيز أو من سُنّة صحيحة أو أثر صحابيّ يدلّ على ما قلتَه؛ وإلّا فكيف يكون هذا الشّرك معلومًا من الدّين وسير السّلف، وهم كانوا أشدّ النّاس تحريًا وتباعدًا عن الشّرك؟! ولو كان ما قلتَه صحيحًا ومعلوم أنّ قبره صلى الله عليه وسلم أفضل القبور وأعظمها؛ فكيف نهاهم عن اتخاذه عيدًا، ولعن مَن يبني المساجد على قبور الصّالحين؟! فهل كان صلى الله عليه وسلم يعلم أنّ التبرّك بقبور الصّالحين خيرًا أم لا؟! فإن كان يعلم أنّه خير؛ فكيف ينهى أُمّته عن اكتساب هذا الخير وهو حريص على هداية أُمّته وعلى جلب الخيرات لها؟! وإن كان لا يعلم؛ فكيف اهتدى لهذا الخير السّبكيّ وأضرابه ممّن حسّنوا للنّاس العكوف على القبور، وطلب الحوائج من أهلها، وجوّزوا لهم التمسّح بها، والطواف حولها، وتقبيلها، والسّجود لها؟! فهل هذا معلوم عند السّبكيّ من الدّين؟ فسبحانك هذا بهتان عظيم!