قالت عائشة: يحذّر ما صنعوا، ولولا ذلك لأبرز قبره؛ ولكن خشي أن يتّخذ مسجدًا. وفي رواية لمسلم:«وصالحيهم» .
وإنّما نهى عن الصّلاة عندها واتّخاذها مساجد لما يفضي إليه من دعائها والاستغاثة بها، وقصدها للحوائج والمهمّات، والتّقرّب إليها بالنّذر والنّحر ونحو ذلك من القربات.
فجاء هذا العراقيّ؛ فهتك ستر الشّريعة، واقتحم الحمى، وشاقّ الله ورسوله، وقال: تُدعى ويُستغاث بها وتُرجى!
ومن اشتمّ رائحة العلم، وعرف شيئًا مما جاءت به الرّسل؛ عرف أنّ هذا الذي قاله العراقيّ من جنس عبادة الأصنام والأوثان، مناقض لما دلّت عليه السُّنّة والقرآن، ولا يستريب في ذلك عاقل من نوع الإنسان.
الوجه السّابع: أنّ الله ـ تعالى ـ نهى عن الغلوّ ومجاوزة الحدّ فيما شرعه من حقوق أنبيائه وأوليائه؛ قال ـ تعالى ـ: [ {يا أهل الكتاب لا تغلو في دينكم ولا تقولوا على الله إلَّا الحقّ} ، وقال تعالى:{قل] يا أهل الكتاب لا تغلو في دينكم غير الحقّ ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلّوا من قبل وأضلّوا كثيرًا وضلّوا عن سواء السّبيل} ، وعن عمر بن الخطّاب ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تطروني كما أطرت النّصارى ابن مريم؛ إنّما أنا عبد؛ فقولوا: عبد الله ورسوله» ، وعن ابن عبّاس في قوله ـ تعالى ـ:{وقالوا لا تذرنّ آلهتكم ولا تذرنّ ودًّا ولا سُواعًا ولا يغوث ويعوق ونسرًا * وقد أضلّوا كثيرًا} : «هذه أسماء رجال صالحين في قوم نوح، فلمّا ماتوا؛ أوحى الشّيطان إلى قومهم: أن انصبوا لهم أنصابًا وصوّروا تماثيلهم، فلمّا مات أولئك ونُسي العلم؛ عُبدت» . وقال ابن القيّم: «قال غير واحد من