السّلف: عكفوا على قبورهم، وصوّروا تماثيلهم، فلمّا طال عليهم الأمد عُبدت» . انتهى.
فانظر إلى ما آل إليه الغلوّ بالتّصاوير والعكوف من غير دعاء ولا عبادة؛ فكيف بالدُّعاء والاستغاثة والتّوسّل؟!
والقول بأنّ لله يفعل لأجلهم؛ هذا نفس الشّرك، والأوّل وسيلته التي حدث الشّرك بسببها، وقد قطع النّبيّ صلى الله عليه وسلم وسيلة هذا الشّرك، وحمى الحمى، وسدّ الذّريعة حتى نهى عن الصّلاة عندها واعتياد المجيء إليها؛ بقوله في إشراف القبور:«لا تجعلوا قبري عيدًا ولا بيوتكم قبورًا، وصلّوا عليّ حيث ما كنتم؛ فإنّ صلاتكم تبلغني» ، ونهى عن رفع القبور، وبعث عليّ بن أبي طالب [إلى اليمن] أن لا يدع تمثالًا إلَّا طمسه، ولا قبرًا مشرفًا إلَّا سوّاه، ونهى عن تعظيمها بإيقاد السّرج؛ كلّ هذا صيانة للتّوحيد وحماية لجنابه؛ فرحم الله امرءًا آمن بالجنّة والنّار، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إمامه ومعلّمه وقدوته، ولم يلتفت عمّا جاء به، ولا يبالي بمَن خالفه وسلك غير سبيله، وحنّ إلى ما كان عليه السّلف الصّالح وأئمّة الهدى في هذا الباب وفي غيره؛ {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} ، {قل إن كنتم تحبّون الله فاتّبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم * قل أطيعوا الله والرّسول فإن تولّوا فإنّ الله لا يحبّ الكافرين} .
الوجه الثامن: أنّ من أعرض عن الله وقصد غيره، وأعدّ ذلك الغير لحاجته وفاقته، واستغاث به، ونذر [له] ، ولاذ به؛ فقد أساء الظّنّ بربّه، وأعظم الذّنوب عند الله ـ تعالى ـ إساءة الظّنّ به؛ فإنّ المسيء به الظّنّ قد ظنّ به خلاف كماله المقدّس؛ فظنّ به ما يناقض