للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الأحاديث المتقدم ذكرها؛ فالصحيح منها لا يدلُّ على مقصوده؛ فغاية ما يُستفاد منها أن زيارة قبره صلى الله عليه وسلم وغيره مشروعة، ونحن لا نخالف في هذا، والذي يدلُّ منها على ما ذهب إليه هذا المعترض ضعيف أو موضوع لا تقوم به حُجَّة ولا يصح للاستدلال في مورد النزاع؛ يعلم ذلك من رجع إلى كتاب «الصارم المنكي في الرد على السبكي» . وأمَّا المسألة التي ذكرها هذا المعترض هنا ـ وهي: أن التبرك بقبور الأنبياء والمرسلين أمر مشروع ـ؛ فهذا ما تقدم له دليل يُستفاد منه ذلك.

فقد تبيَّن أنه لم يستند في مشروعية ذلك إلا إلى قول أبي محمد المالكيّ ـ كما وصفنا ـ، وأنت تعلم أن الأصول التي تدور عليها أحكام الشرع أربعة: اثنان متفق عليها بين كافة المسلمين، واثنان مختلف فيهما بينهم؛ فالاثنان المتفق عليها بين كافة المسلمين: الكتاب والسنة، والاثنان المختلف فيها: الإجماع والقياس، وقد نظرنا في هذه الأصول الأربعة فلم نجد فيها دليلًا يسوغ للسبكي أن التبرك بالقبور أمرٌ مشروع محبوب لله ورسوله؛ بل وجدنا فيها ما يناقض ذلك ويأباه. وهذا الذي ذهب إليه السبكي ـ وهو مشروعية التبرك بقبر النّبيّ ـ عليه الصلاة والسلام ـ وغيره ـ هو الذي أنكره شيخ الإسلام وغيره من أئمة المسلمين، وحججهم ظاهرة مستفيضة في

<<  <   >  >>