للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكتاب والسنة والإجماع. وهذا المخالف لم يأتِ بشيء يصلح للاستدلال على ما قاله؛ فبطل ما ادَّعاه، وبالله نتأيد.

ثم أطال هذا المعترض في هذا الباب بأشياء خارجة عن الغرض؛ كالاستدلال على استحباب زيارة القبور والخلاف فيه، والتعريفات الفقهية. وهذا القدر لا يحتاج إلى مناقشة؛ لأنَّ شيخ الإسلام لم ينكر ذلك؛ وإنَّما أنكر شد الرحل لمجرد الزيارة، وأنكر أيضًا التبرك والانتفاع بالمقبور، وهذا المعترض لم يأتِ بدليل شرعي يجوز له ذلك ـ كما قدمنا ـ، وإطالته في هذا الباب بالوصف الذي ذكرناه مغالطة وخروج عن المقصود؛ لأنَّ الشيخ لم ينكر زيارة القبور ولا زيارة قبر النّبيّ صلى الله عليه وسلم ولا قبر غيره من الأنبياء والمرسلين؛ يعرف هذا من نظر في كتبه؛ وإنَّما أنكر الزيارة البدعية؛ وهي قصد الانتفاع بالميت وطلب حوائج الدنيا والآخرة منه، وهذا الذي أنكره هو الذي دلَّ عليه الكتاب والسنَّة الصحيحة والإجماع، وقد أجاز السبكي جميع ما أنكره شيخ الإسلام ابن تيمية، بل ندب إليه ورغَّبَ فيه من غير دليل شرعي ولا فعل صحابي من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم معروف بالعلم والفُتيا، فمن كان هذه صفته فلا يحتاج إلى ردٍّ ولا نضيع فيه وقتًا؛ لأنَّنا لسنا متعبدين إلا بما جاء في كتاب الله وصحَّ عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالإسناد الصحيح العاري عن العلة والشذوذ، وما عدا ذلك فهو محل نظر واجتهاد، والله الموفّق.

فإذا تأمَّلت بعين الإنصاف في الكتاب العزيز والسنَّة الصحيحة وأفعال الصحابة؛ علمتَ أن زيارة القبور المشروعة [هي:] الدعاء والترحم والسلام على الأموات وتذكُّر الآخرة وذكر الموت برؤية القبور، ليس إلا. وأما زيارتها للتبرك بأهلها وطلب حوائج الدنيا والآخرة من أهلها فأمرٌ محدَث في الدين؛ ما ورد به كتاب ولا سنَّة، ولا دلَّ عليه أثر عن صحابي معروف بالعلم والفُتيا، بل جاء في القرآن العظيم وسنَّة النّبيّ

<<  <   >  >>