للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عز وجل ـ، وهذا لا يختص بالميت، حتى لو دعا الحي بظاهر الغيب حصل له الثواب كما قدَّمنا، وإن أراد التبرك بصاحب القبر بمعنى أنَّ الميَت يُعطيه خيرًا من حصول علم ورزق، وشفاء [مرض] ، وتفريج كرب، ومغفرة [ذنب] ، وغير ذلك مما لا يعطيه إلا الله، أو حاجة من حوائج الدنيا التي كان يقدر عليها وهو حي؛ فهذا ـ وايم الحق ـ لهو الشرك بعينه ومنشأ ضلال المُضِلِّين، وهو الذي كان السبب لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيارة القبور في أول الأمر، كما كان [يعمله أهل] الجاهلية، فلما وقر الإيمان والتوحيد في قلوب أصحابه؛ أَذِنَ لهم، وهذه الزيارة التي يزورها بعض الناس اليوم لقبور الصّالحين لا يريدون بها إلا حصول جميع ما ذكرناه! الذي من شأنه أن لا يُطلب إلا من الله ـ وحده ـ لا من صاحب هذا القبر، يعرف ذلك من وقف عند قبور الصّالحين؛ فيسمع ويرى ما تقشعر منه جلود الموحدين؛ فيسمع الوائد يقول: يا سيدي! أنا في حَسبِك لا تَرُدني خائبًا، العارف لا يُعرَّف، والشكوى على أهل البصيرة عيب! وترى الزائر يُمَرغ خده على عتبه القبر ويلثُمَه ويتمسح به ويطوف حوله، وغير ذلك من الأفعال والأقوال المنكرة، التي زادت بأضعاف على ما كان المشركون يفعلونه عند أصنامهم، ولا نطيل في هذا البحث؛ فإن الزيارة البدعية قد بيَّنها الرسول وأصحابه، والعلماء من بعدهم إلى يومنا هذا؛ فجزاهم الله عن المسلمين خيرًا.

فصل

وقد يتوهم من لم يعرف مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية في زيارة القبور من إيراد السبكي هذا التقسيم في هذا الباب؛ أنه ينكر زيارة القبورل ويجعلها بدعة مطلقًا من غير تفصيل، وليس كذلك. وها أنا أنقل جملة من جوابه الذي أجاب به السائل عن بيان حكم زيارة القبور، وإن كان قد يُكْتَفى بما ذكره الحافظ ابن عبد الهادي في كتاب

<<  <   >  >>